ثمان آيات بلا خلاف.
يقول اللّه تعالي إنه «خَلَقَ الإِنسانَ» و أنشأه و يعني به آدم عليه السلام «مِن صَلصالٍ» و هو الطين اليابس ألذي يسمع له صلصلة- في قول قتادة- «كَالفَخّارِ» أي مثل الطين ألذي طبخ بالنار حتي صار خزفاً «وَ خَلَقَ الجَانَّ مِن مارِجٍ مِن نارٍ» فالمارج هو المختلط الأجزاء، قال الحسن إبليس ابو الجن، و هو مخلوق من لهب النار، کما أن آدم ابو البشر مخلوق من طين. وصف اللّه تعالي الإنسان ألذي هو آدم ابو البشر انه خلقه من صلصال. و في موضع آخر «مِن طِينٍ لازِبٍ»[1] و في موضع آخر «مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ»[2] و في موضع آخر «خَلَقَهُ مِن تُرابٍ»[3] و إختلاف هذه الألفاظ لا تناقض فيها، لأنها ترجع إلي أصل واحد و هو التراب، فجعله طيناً. ثم صار كالحمإ المسنون. ثم يبس فصار صلصالا كالفخار.
و قوله «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» معناه فبأي نعم ربكما يا معشر الجن و الانس تكذبان!؟ و إنما كررت هذه الآية، لأنه تقرير بالنعمة عند ذكرها علي التفصيل نعمة نعمة، كأنه قيل بأي هذه الآلاء تكذبان. ثم ذكرت آلاء أخر فاقتضت من التذكير و التقرير بها ما اقتضت الأولي ليتأمل کل واحد في نفسها و في ما تقتضيه صفتها من حقيقتها الّتي تتفصل بها من غيرها.
و قوله «رَبُّ المَشرِقَينِ وَ رَبُّ المَغرِبَينِ» تقديره هو رب المشرقين، فهو خبر ابتداء، و لو قرئ بالخفض رداً علي قوله «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما» لكان جائزاً غير انه