خمس آيات.
قرأ اهل الكوفة إلا عاصماً (كبير الإثم) علي لفظ الواحد. الباقون بلفظ الجمع (كبائر) و قد بيناه في سورة (حم عسق).
هذا اخبار من اللّه بأن له ملك (ما في السموات) و ملك (ما في الإرض) من جميع الأجناس بالحق (لِيَجزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا) أي يعاقبهم (بما عملوا) من المعاصي (وَ يَجزِيَ الَّذِينَ أَحسَنُوا بِالحُسنَي) أي يثيبهم علي طاعاتهم بنعيم الجنة و الخلود فيها. ثم وصف الّذين أحسنوا فقال هم (الَّذِينَ يَجتَنِبُونَ كَبائِرَ الإِثمِ) أي عظائم الذنوب (و الفواحش). و المعاصي- عندنا- كلها كبائر غير ان بعضها اكبر من بعض، فقد تكون المعصية كبيرة بالاضافة إلي ما دونها، و قد تكون صغيرة بالاضافة إلي ما هو اكبر منها. و الفواحش جمع فاحشة و هي أقبح الذنوب و أفحشها، و الاساءة مضرة يستحق بها الذم، و لا يستحق الذم إلا مسيء، و ذم من ليس بمسيء قبيح، كذم المحسن بالقبيح، و الإحسان فعل ما هو نفع في نفسه أو هو سبب للنفع ليستحق به الحمد، و لا يستحق الحمد إلا محسن. و الكبير من الذنوب هو ألذي يعظم به الزجر إلي حد لا يكفره إلا التوبة منه- عند من لم يحسن إسقاط العقاب تفضلا- و الصغير هو ألذي يخف فيه الزجر إلي حد يصح تكفيره من غير توبة- عند من قال بالصغائر- و قوله (إلا اللمم) قال قوم: هو الهم بالمعصية من جهة مقاربتها في حديث النفس بها من غير مواقعتها و لا عزم عليها، لان العزم علي الكبير كبيرة.
و لكن يقرب من مكانها لشهوته لها غير عازم عليها. و قال قوم (إلا اللمم) استثناء منقطع، لأنه ليس من الكبائر و لا الفواحش، کما قال الشاعر:
و بلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير و إلا العيس[1]