خمس آيات كوفي و أربع في ما عداه، عدّ الشاميون (فَأَعرِض عَن مَن تَوَلّي) و لم يعده الباقون. و عد الكوفيون (مِنَ الحَقِّ شَيئاً) و لم يعده الباقون و عد الكل (الحياة الدنيا) إلا الشاميون، فإنهم عدّوا آخر الآية (اهتدي).
يقول اللّه تعالي مخبراً بان كثيراً من ملائكة السموات (لا تُغنِي شَفاعَتُهُم) أي لا تنفع شفاعتهم في غيرهم بإسقاط العقاب عنهم (شَيئاً إِلّا مِن بَعدِ أَن يَأذَنَ اللّهُ لِمَن يَشاءُ) ان يشفعوا فيه و يطلق لهم ذلک (و يرضي) ذلک، و قيل: إن الغرض بذلك الإنكار علي عبدة الأوثان و قولهم: إنها تشفع لأن الملك إذا لم تغن شفاعته شيئاً فشفاعة من دونه أبعد من ذلک. و في ذلک التحذير من الاتكال علي الشفاعة، لأنه إذا لم يغن شفاعة الملائكة کان شفاعة غيرهم أبعد من ذلک. و لا ينافي ما نذهب اليه من أن النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و الأئمة و المؤمنين يشفعون في كثير من أصحاب المعاصي، فيسقط عقابهم لمكان شفاعتهم، لان هؤلاء- عندنا- لا يشفعون إلا بإذن من اللّه و رضاه، و مع ذلک يجوز أن لا يشفعوا فيه فالزجر واقع موقعه.
ثم أخبر اللّه تعالي (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآخِرَةِ) أي لا يصدقون بالبعث و لا بالثواب و لا بالعقاب (لَيُسَمُّونَ المَلائِكَةَ تَسمِيَةَ الأُنثي) قال الحسن كانوا يسمون الملائكة بنات اللّه. ثم قال (وَ ما لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ) أي بما يقولونه و يسمونه (من علم) أي ليسوا عالمين بذلك (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) أي ليس يتبعون في قولهم ذلک إلا الظن ألذي يجوز أن يخطئ و يصيب، و ليس معهم شيء من العلم.