و قوله (فَمَنَّ اللّهُ عَلَينا) فالمن القطع عن المكاره إلي المحاب، يقال: من علي الأسير يمن مناً إذا أطلقه و احسن اليه، و امتن عليه بصنيعه أي اقتطعه عن شكره بتذكير نعمته و المنية قاطعة عن تصرف الحي و (أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ)[1] أي غير مقطوع.
و قوله (وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ) ألوقا: منع الشيء من المخوف بما يحول بينه و بينه، و منه الوقاية، و وقاه يقيه وقاء فهو واق، و وقاه توقية قال الراجز:
إذ الموقي مثل ما وقيت عذاب السموم
فالسموم الحر ألذي يدخل في مسام البدن بما يوجد ألمه، و منه ريح السموم، و مسام البدن الخروق الدقاق.
ثم قالوا (إِنّا كُنّا مِن قَبلُ نَدعُوهُ) يعني في دار التكليف ندعوه (إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ) أي ندعوه بهذا، فيمن فتح الهمزة، و من كسرها أراد إنا كنا ندعوه و نتضرع اليه، ثم ابتدأ فقال (إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ) قال إبن عباس:
البر هو اللطيف و أصل الباب اللطف مع عظم الشأن، و منه البر للطفها مع عظم النفع بها، و منه البر لأنه لطف النفع به مع عظم الشأن، و منه البرية للطف مسالكها مع عظم شأنها، و البر بالكسر الفاره، و البر بر الوالدين، و قولهم: فلان لا يعرف هره من برّه قيل في معناه ثلاثة أشياء: