و قوله «وَ تَرَكنا فِيها آيَةً» فالترك في الأصل ضد الفعل ينافي الأخذ في محل القدرة عليه، و القدرة عليه قدرة علي الأخذ. و المعني في الآية أبقينا فيها آية، و مثله قوله «وَ تَرَكَهُم فِي ظُلُماتٍ»[1] بمعني لم ينفها مع انه قادر علي نفيها، و فلان ترك السوق أي قطعها بأن صار لا يمضي اليها. و معني «تَرَكنا فِيها آيَةً» بمنزلة ما فعل ضد ما تنافيه الآية. و قيل: إن الآية اقتلاع البلدان لا يقدر عليه إلا اللّه تعالي و قوله «لِلَّذِينَ يَخافُونَ العَذابَ الأَلِيمَ» إنما خص الخائفين من العذاب الأليم بالآية لأنهم الّذين يعتبرون بها و ينتفعون بها.
وَ فِي مُوسي إِذ أَرسَلناهُ إِلي فِرعَونَ بِسُلطانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلّي بِرُكنِهِ وَ قالَ ساحِرٌ أَو مَجنُونٌ (39) فَأَخَذناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذناهُم فِي اليَمِّ وَ هُوَ مُلِيمٌ (40) وَ فِي عادٍ إِذ أَرسَلنا عَلَيهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ (41) ما تَذَرُ مِن شَيءٍ أَتَت عَلَيهِ إِلاّ جَعَلَتهُ كَالرَّمِيمِ (42)
وَ فِي ثَمُودَ إِذ قِيلَ لَهُم تَمَتَّعُوا حَتّي حِينٍ (43) فَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم فَأَخَذَتهُمُ الصّاعِقَةُ وَ هُم يَنظُرُونَ (44) فَمَا استَطاعُوا مِن قِيامٍ وَ ما كانُوا مُنتَصِرِينَ (45)
ثمان آيات.
قرأ الكسائي «الصعقة» الباقون «الصاعقة»، فالصعقة مصدر صعق يصعق صعقاً و صعقة واحدة. و الصاعقة الاسم تقول: صاقعة و صاعقة مقدماً و مؤخراً،