اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 385
الّذين يتحققون بتوحيد اللّه، و إنما أضافها إلي الموقنين، لأنهم الّذين نظروا فيها و حصل لهم العلم بموجبها و آيات الإرض جبالها و نباتها و معادنها و بحارها، و وقوفها بلا عمد لتصرف الخلق عليها.
و قوله (وَ فِي أَنفُسِكُم أَ فَلا تُبصِرُونَ) معناه و في أنفسكم أفلا تتفكرون بأن تروها مصرّفة من حال إلي حال و منتقلة من صفة إلي أخري، فكنتم نطفاً فصرتم أحياء ثم كنتم أطفالا فصرتم شباباً، ثم صرتم كهولا و كنتم ضعفاء فصرتم أقوياء، فهلا دلكم ذلک علي ان لها صانعاً صنعها و مدبراً دبرها يصرفها علي ما تقتضيه الحكمة و يدبرها بحسب ما توجبه المصلحة. و قيل: المعني أ فلا تبصرون بقلوبكم نظر من كأنه يري الحق بعينه.
و قوله (وَ فِي السَّماءِ رِزقُكُم) ينزله اللّه إليكم بأن يرسل عليكم الغيث و المطر فيخرج به من الإرض أنواع ما تقتاتونه و تلبسونه و تنتفعون به (و ما توعدون) به من العذاب ينزله اللّه عليكم إذا استحققتموه، و قال الضحاك: و في السماء رزقكم يعني المطر ألذي هو سبب کل خير و هو من الرزق ألذي قسمه اللّه و كتبه للعبد في السماء. و قال مجاهد: و ما توعدون يعني من خير او شر، و قيل و ما توعدون الجنة، لأنها في السماء الرابعة.
ثم قال تعالي (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الأَرضِ) قسما منه تعالي (إنه لحق) و معناه إن ما وعدتكم به من الثواب و العقاب و الجنة و النار لا بد من كونه «مثل ما تنطقون» أي مثل نطقكم ألذي تنطقون به فكما لا تشكون في ما تنطقون، فكذلك لا تشكوا في حصول ما وعدتكم به. و قيل الفرق بين قوله «لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقُونَ» و بين ما تنطقون مثل الفرق بين أحق منطقك و بين أحق إنك تنطق أي أحق إنك ممن
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 385