الأذي من فضول الاطعمة و الاشربة، نسأل اللّه حسن الاستعداد لها بالعمل الصالح المقرب منها الموجب لرضوان مالكها.
و قوله (غير بعيد) أي ليس ببعيد مجيء ذلک، لان کل آت قريب، و لذلك قال الحسن: كأنك بالدنيا لم تكن و بالآخرة لم تزل.
ثم قال (هذا ما تُوعَدُونَ) من قرأ بالتاء فعلي الخطاب أي هذا ألذي ذكرناه هو ما وعدتم به من الثواب (لكل أواب) أي رجاع إلي اللّه تائب اليه (حفيظ) لما أمر اللّه به يتحفظ من الخروج الي مالا يجوز من سيئة تدنسه او خطيئة تحط منه و تشينه. و قال إبن زيد: الأواب التواب، و هو من آب يؤب اوباً إذا رجع.
و قوله (مَن خَشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ) فالخشية انزعاج القلب عند ذكر السيئة و داعي الشهوة حتي يکون في أعظم حال من طلبه سبع يفترسه او عدو يأتي علي نفسه او طعام مسموم يدعي إلي اكله هذه خشية الرحمن الّتي تنفعه و الّتي دعا اليها ربه و معني (بالغيب) أي في باطنه و سريرته (وَ جاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ) أي راجع إلي اللّه من أناب ينيب إنابة، و موضع (من) يحتمل وجهين من الاعراب:
أحدهما- الجر علي البدن من (کل) كأنه قيل لمن خشي.
و الثاني- الرفع علي الاستئناف كأنه قال (مَن خَشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ) يقال لهم (ادخُلُوها بِسَلامٍ) أي بأمان من کل مكروه و يحيون بذلك علي وجه الإكرام.
و قوله (ذلِكَ يَومُ الخُلُودِ) أي الوقت ألذي يبقون فيه في النعيم مؤبدين لا إلي غاية.
و قوله (لَهُم ما يَشاؤُنَ فِيها) أي ما يريدونه و يشتهونه يجعل لهم فيها (و لدينا مزيد) من نعم اللّه ألذي يعطيهم زيادة علي مقدار استحقاقهم بعملهم.