اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 335
تقييد لدخول الجميع او البعض. و قال قوم: ليس ذلک شرطاً لأنه بشارة بالرؤيا الّتي رآها النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و طالبه الصحابة بتأويلها و حققها. قوله «لَقَد صَدَقَ اللّهُ رَسُولَهُ الرُّؤيا بِالحَقِّ» ثم استؤنف علي طريق الشرح و التأكيد «لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرامَ إِن شاءَ اللّهُ» علي ألفاظ الدين، كأنه قيل بمشيئة اللّه، و ليس ينكر أن يخرج مخرج الشرط ما ليس فيه معني الشرط، کما يخرج مخرج الأمر ما ليس في معني الأمر لقرينة تصحب الكلام. و قال البلخي: معني «إِن شاءَ اللّهُ» أي أمركم اللّه بها، لأن مشيئة اللّه تعالي بفعل عباده هو أمره به. و قال قوم: هو تأديب لنا، کما قال «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ ....»[1] الآية.
و قوله «آمِنِينَ» أي بلا خوف عليكم «مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُم وَ مُقَصِّرِينَ» أي منكم من يحلق رأسه و منكم من يقصر «لا تَخافُونَ» احداً في ذلک، و كذلك جري الأمر في عمرة القضاء و في السنة الثانية للحديبية. و
روي أن عمر قال لرسول اللّه صَلي اللّهُ عَليه و آله حيث قاضا اهل مكة يوم الحديبية، و همّ بالرجوع إلي المدينة: أ ليس وعدتنا يا رسول اللّه أن ندخل المسجد الحرام محلقين و مقصرين، فقال له رسول اللّه صَلي اللّهُ عَليه و آله (قلت لكم إنا ندخلها العلم)!؟ فقال: لا، فقال صَلي اللّهُ عَليه و آله (فإنكم تدخلونها إن شاء اللّه) فلما کان في القابل في ذي القعدة خرج النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله لعمرة القضاء، و دخل مكة مع أصحابه في ذي القعدة و اعتمروا، و قام بمكة ثلاثة ايام، ثم رجع إلي المدينة.
ثم قال «فَعَلِمَ» يعني علم اللّه و «ما لَم تَعلَمُوا» أنتم من المصلحة في المقاضاة و إجابتهم إلي ذلک. و قيل المعني فعلم النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله من دخولهم إلي سنة ما لم تعلوا معاشر المؤمنين. و قيل: فعلم ان بمكة رجالا مؤمنين و نساء مؤمنات لم تعلموهم