الحال، كقوله «مَسَّنِيَ الضُّرُّ»[1] و يقال: ضرني الشيء و أضرني، و لا يقال:
أضربي، و ضره يضره و ضاره يضيره بمعني واحد.
هذا اخبار عن اللّه تعالي لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله انه «سَيَقُولُ لَكَ» يا محمّد «المُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعرابِ» قال إبن إسحاق و مجاهد: لما أراد رسول اللّه صَلي اللّهُ عَليه و آله الخروج إلي مكة عام الحديبية أحرم بعمرة و دعا الاعراب الّذين حول المدنية إلي الخروج، فتثاقلوا: أسلم و غفار و جهينة و مزينة، فأخبر اللّه تعالي بذلك. و المخلف هو المتروك في المكان خلف الخارجين عن البلد، و هو مشتق من المتخلف و ضده المتقدم. تقول خلفته کما تقول قدمته تقديماً، و إنما تخلفوا لتثاقلهم عن الجهاد و إن اعتذروا بشغل الأموال و الأولاد. و الاعراب الجماعة من عرب البادية، و عرب الحاضرة ليسوا بأعراب، ففرقوا بينهما، و إن کان اللسان واحد.
و قوله «شَغَلَتنا أَموالُنا وَ أَهلُونا» أخبار بما اعتلوا به، فالشغل قطع العمل عن عمل، لا يمكن الجمع بينهما لتنافي أسبابهما كالكتابة و الرمي عن القوس و اللّه لا يشغله شأن عن شأن لأنه لا يعمل بآلة. و قوله «فَاستَغفِر لَنا» حكاية ما قالوه للنبي و سألوه أن يستغفر لهم و الاستغفار طلب المغفرة بالدعاء مع التوبة عن المعاصي فهؤلاء سألوا الدعاء بالمغفرة، و في قلوبهم خلاف ما أظهروه بأفواههم ففضحهم اللّه و هتك أستارهم، و أيدي ما نافقوا به في جهادهم، فقال «يَقُولُونَ بِأَلسِنَتِهِم ما لَيسَ فِي قُلُوبِهِم».
ثم قال للنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله «قُل فَمَن يَملِكُ لَكُم مِنَ اللّهِ شَيئاً إِن أَرادَ بِكُم ضَرًّا» لا يقدر احد علي دفعه «أَو أَرادَ بِكُم نَفعاً» لا يقدر احد علي إزالته