responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 258

يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌علي‌ وجه‌ التوبيخ‌ للكفار ‌علي‌ معاصيهم‌ بكفرهم‌ بلفظ الاستفهام‌ (أم‌ حسب‌) و معني‌ (أم‌) يحتمل‌ ‌ان‌ تكون‌ الهمزة و تقديره‌ أ حسب‌ ‌الّذين‌ اجترحوا السيئات‌، و الحسبان‌ ‌هو‌ الظن‌. و ‌قد‌ بيناه‌ ‌في‌ ‌ما مضي‌. و الاجتراح‌ الاكتساب‌ اجترح‌ السيئة اجتراحاً ‌ أي ‌ اكتسبها ‌من‌ الجراح‌، لأن‌ ‌له‌ تأثيراً كتأثير الجراح‌.

و مثله‌ الاقتراف‌، و ‌هو‌ مشتق‌ ‌من‌ قرف‌ القرحة. و السيئة ‌الّتي‌ يسوء صاحبها، و ‌هي‌ الفعلة القبيحة ‌الّتي‌ يستحق‌ بها الذم‌، و الحسنة ‌هي‌ ‌الّتي‌ يسر صاحبها باستحقاق‌ المدح‌ بها عليها، و وصفها بهذا يفيد ‌هذا‌ المعني‌. و ‌قال‌ الرماني‌: القبيح‌ ‌ما ليس‌ للقادر ‌عليه‌ ‌ان‌ يفعله‌. و الحسن‌ ‌هو‌ ‌ما للقادر ‌عليه‌ ‌أن‌ يفعله‌ ‌قال‌: و ‌کل‌ فعل‌ وقع‌ ‌لا‌ لأمر ‌من‌ الأمور، فهو لغو ‌لا‌ ينسب‌ ‌إلي‌ الحكمة و ‌لا‌ السفه‌. و الجعل‌ تصيير الشي‌ء ‌علي‌ صفة ‌لم‌ يكن‌ عليها، و ‌هو‌ انقلاب‌ الشي‌ء عما ‌کان‌ قادراً ‌عليه‌. و المعني‌ أ يظن‌ هؤلاء الكفار المرتكبون‌ للمعاصي‌ ‌الّذين‌ اكتسبوا القبائح‌ ‌أن‌ يحكم‌ ‌لهم‌ بحكم‌ المؤمنين‌ المعترفين‌ بتوحيد اللّه‌ المصدقين‌ لرسله‌ العاملين‌ بطاعته‌!؟.

‌ثم‌ اخبر ‌عن‌ الكفار ‌فقال‌ (سَواءً مَحياهُم‌ وَ مَماتُهُم‌) ‌ أي ‌ ‌هم‌ متساوون‌ حال‌ كونهم‌ أحياء و حال‌ كونهم‌ أمواتاً، لأن‌ الحي‌ متي‌ ‌لم‌ يفعل‌ الطاعات‌ فهو بمنزلة الميت‌ و ‌قال‌ مجاهد: المؤمن‌ يموت‌ ‌علي‌ إيمانه‌ و يبعث‌ ‌عليه‌. و الكافر يموت‌ ‌علي‌ كفره‌ و يبعث‌ ‌عليه‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ (ساءَ ما يَحكُمُون‌َ) ‌ أي ‌ بئس‌ الشي‌ء ‌ألذي‌ يحكمون‌ ‌به‌ ‌في‌ ‌هذه‌ القصة. و انما ‌قال‌ (يحكمون‌) ‌مع‌ ‌ان‌ الحكم‌ مأخوذ ‌من‌ الحكمة، و ‌هي‌ حسنة، لأن‌ المراد ‌علي‌ ‌ما يدعون‌ ‌من‌ الحكمة، ‌کما‌ ‌قال‌ (حُجَّتُهُم‌ داحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِم‌)[1] و ‌قوله‌ (ما كان‌َ حُجَّتَهُم‌ إِلّا أَن‌ قالُوا ائتُوا بِآبائِنا إِن‌ كُنتُم‌ صادِقِين‌َ).


[1] ‌سورة‌ 42 الشوري‌ آية 16
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست