تعالي «أُولئِكَ» يعني القاسية قلوبهم عن ذكر الله «فِي ضَلالٍ» أي عدول عن الحق «مُبِينٍ» أي واضح ظاهر.
ثم قال «اللّهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ» يعني القرآن «كِتاباً مُتَشابِهاً» نصب (كتاباً) علي البدل من قوله (احسن) و معناه «متشابهاً» في الحكم الّتي فيه من الحجج و المواعظ و الأحكام الّتي يعمل عليها في الدين و صلاح التدبير يشبه بعضه بعضاً لا تناقض فيه «مثاني» أي يثني فيه الحكم و الوعد و الوعيد بتصريفها في ضروب البيان، و يثني ايضاً في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه في القرآن «تَقشَعِرُّ مِنهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخشَونَ رَبَّهُم» أي تقشعر جلود المؤمنين الّذين يخافون عذاب الله لما يسمعونه فيه من الوعيد «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُم وَ قُلُوبُهُم إِلي ذِكرِ اللّهِ» و ما ضمنه الله علي ذلک من الثواب. ثم قال «ذلِكَ» يعني ما وصف به المؤمن من اقشعرار قلوب المؤمنين تارة و لينها أخري «هُدَي اللّهِ يَهدِي بِهِ مَن يَشاءُ» أي لطف الله ألذي يلطف به لمن يشاء من عباده الّذين يعلم انه لطف لهم. و قال الجبائي: انه خص به أمة محمّد صَلي اللّهُ عليه و آله. ثم قال «وَ مَن يُضلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ» و معناه من أضله الله عن طريق الجنة لا يقدر احد علي هدايته اليها. و يحتمل ان يکون المراد من حكم الله بأنه ضال لا يقدر احد ان يحكم بأنه هاد. ثم قال منبهاً لخلقه «أَ فَمَن يَتَّقِي بِوَجهِهِ سُوءَ العَذابِ يَومَ القِيامَةِ» و تقديره كمن يدخل الجنة!؟ و جاء في التفسير أن الكافر يلقي في النار مغلولا، لا يمكنه ان يتقي النار إلا بوجهه.
و معني يتقي يتوّفاها کما قال الشاعر:
إذ يتقون بي الأسنة لم اخم عنها و لكني تضايق مقدمي
أي يقدمونني الي القتال فيتوقون بي حرها. و حذف كمن کان بخلاف ذلک لدلالة الكلام عليه، فان هذا لا يکون ابداً. ثم حكي الله تعالي ما يقال