و قيل: هما لغتان.
لما حكي اللّه تعالي عن قوم فرعون أنه حين كشف العذاب عنهم نكثوا عهدهم و عادوا إلي ما كانوا عليه من الكفر، نادي فرعون في قومه الّذين اتبعوه علي دينه، و قال لهم « يا قوم» علي وجه التقرير لهم «أَ لَيسَ لِي مُلكُ مِصرَ» أتصرف فيها کما أشاء لا يمنعني احد منه «وَ هذِهِ الأَنهارُ» كالنيل و غيرها «تَجرِي مِن تَحتِي» أي من تحت أمري. و قيل: إنها كانت تجري تحت قصره، و هو مشرف عليها «أَ فَلا تُبصِرُونَ» أن ما ادعيه حق و أن ما يقوله موسي باطل. و قيل:
قوله «من تحتي» معناه إن النيل كانت تجري منه أنهار تحت قصره. و قيل (من تحتي) من بين يديه لارتفاع سريره. ثم قال لهم فرعون «أَم أَنَا خَيرٌ مِن هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَ لا يَكادُ يُبِينُ» و قال قوم: معني (أم) بل. فكأنه قال: بل أنا خير من موسي، و قال قوم: مخرجها مخرج المنقطعة، و فيها معني المعادلة لقوله «أ فلا تبصرون» أم أنتم بصراء، لأنه لو قالوا نعم لكان بمنزلة قولهم انت خير.
و الأصل في المعادلة علي أي الحالين أنتم علي حال البصر أم علي حال خلافه. و لا يجوز ان يکون المعني علي أي الحالين أنتم علي حال البصر أم حال غيرها في أني خير من هذا ألذي هو مهين، و إنما المعادلة تفصيل ما أجمله. و قيل له- هاهنا- بتقدير أنا خير من هذا ألذي هو مهين أم هو إلا أنه ذكر ب (أم) لاتصال الكلام بما قبله. و حكي الفراء (اما أنا) و هذا شاذ علي انه جيد المعني. و المهين الضعيف- في قول قتادة و السدي- و قيل: معناه فقير. و قيل يمتهن نفسه في جميع ما يحتاج اليه ليس له من يكفيه، و لا يكاد يبين- و قال الزجاج للثة كانت في لسانه. و قال قتادة: كانت في لسانه آفة. و به قال السدي. و قيل: إنه کان احترق لسانه بالجمر ألذي وضعه في فيه حين أراد أن يعتبر فرعون عقله لما لطم وجهه، و أراد أن