خمس آيات بلا خلاف.
يقول اللّه تعالي لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله و اذكر يا محمّد (إِذ قالَ إِبراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَومِهِ) حين رآهم يعبدون الأصنام و الكواكب (إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعبُدُونَ) أي بريء من عبادتكم الأصنام و الكواكب فقوله (براء) مصدر وقع موقع الوصف، لا يثني و لا يجمع و لا يؤنث. ثم استثني من جملة ما كانوا يعبدونه اللّه تعالي فقال (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) معناه اني بريء من کل معبود سوي اللّه تعالي ألذي فطرني أي خلقني و ابتدأني، و تقديره إلا من ألذي فطرني. و قال قتادة: كانوا يقولون اللّه ربنا مع عبادتهم الأوثان (فانه سيهدين) في ما بعد. و المعني انه سيهديني إلي طريق الجنة بلطف من ألطافه يکون داعياً إلي ان أتمسك به حتي يؤديني اليها، و إنما قال ذلک ثقة باللّه تعالي و دعاء لقومه إلي ان يطلبوا الهداية من ربه. و التبري من کل معبود من دون اللّه واجب بحكم العقل، کما يجب ذمهم علي فعل القبيح لما في ذلک من الزجر عن القبيح و الردع عن الظلم، فكذلك يجب قبول قول من أخلص عبادة اللّه، کما يجب مدحه علي فعله.
و قوله (وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) معناه جعل هذه الكلمة الّتي قالها إبراهيم كلمة باقية في عقبه بما اوصي به مما أظهره اللّه من قوله إجلالا له و تنزيهاً له و رفعاً لقدره بما کان منه من جلالة الطاعة و الصبر علي أمر اللّه. و قال قتادة و مجاهد و السدي: معني قوله (وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قوله: لا إله إلا اللّه لم يزل في ذريته من يقولها و قال إبن زيد: هو الإسلام بدلالة قوله (هُوَ سَمّاكُمُ