responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 183

خمس‌ آيات‌ بلا خلاف‌ يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ مخبراً «وَ كَم‌ أَرسَلنا مِن‌ نَبِي‌ٍّ فِي‌ الأَوَّلِين‌َ» يعني‌ ‌في‌ الأمم‌ الماضية (و كم‌) موضوعة للتكثير ‌في‌ باب‌ الخبر، و ‌هي‌ ضدّ (رب‌) لأنها للتقليل‌.

‌ثم‌ اخبر ‌عن‌ تلك‌ الأمم‌ الماضية انه‌ ‌کان‌ ‌ما يجيئهم‌ نبي‌ ‌من‌ قبل‌ اللّه‌ ‌إلا‌ كانوا يستهزؤن‌ ‌به‌ بمعني‌ يسخرون‌ ‌منه‌. فالاستهزاء إظهار خلاف‌ الإبطان‌ استصغاراً ‌او‌ استحقاراً فالأمم‌ الماضية كفرت‌ بالأنبياء و احتقروا ‌ما أتوا ‌به‌، و ظنوا انه‌ ‌من‌ المخاريق‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ يعمل‌ عليها لجهلهم‌ و فرط عنادهم‌، فلذلك‌ حملوا أنفسهم‌ ‌علي‌ الاستهزاء بهم‌، و ‌هو‌ عائد بالوبال‌ ‌عليهم‌.

فان‌ ‌قيل‌: ‌لم‌ بعث‌ اللّه‌ الأنبياء ‌مع‌ علمه‌ بأنهم‌ يستهزؤن‌ بهم‌ و ‌لا‌ يؤمنون‌ عنده‌! ‌قيل‌: يجوز ‌أن‌ ‌يکون‌ قوم‌ آمنوا و ‌إن‌ قلوا. و إنما اخبر اللّه‌ بالاستهزاء ‌عن‌ الأكثر، و لذلك‌ ‌قال‌ ‌في‌ موضع‌ «وَ مَن‌ آمَن‌َ وَ ما آمَن‌َ مَعَه‌ُ إِلّا قَلِيل‌ٌ»[1] و ايضاً فكان‌ يجوز ‌ان‌ ‌يکون‌ لولا إرسالهم‌ لوقع‌ منهم‌ ‌من‌ المعاصي‌ أضعاف‌ ‌ما وقع‌ عند إرسالهم‌، فصار إرسالهم‌ لطفاً ‌في‌ كثير ‌من‌ القبائح‌، فلذلك‌ وجب‌ و حسن‌، ‌علي‌ ‌ان‌ ‌في‌ إرسالهم‌ تمكينهم‌ مما كلفوه‌، لأنه‌ ‌إذا‌ ‌کان‌ هناك‌ مصالح‌ ‌لا‌ يمكنهم‌ معرفتها ‌إلا‌ ‌من‌ جهة الرسل‌ وجب‌ ‌علي‌ اللّه‌ ‌أن‌ يبعث‌ اليهم‌ الرسل‌ ليعرّفوهم‌ تلك‌ المصالح‌، فإذا ‌لم‌ يؤمنوا بهم‌ و ‌بما‌ معهم‌ ‌من‌ المصالح‌ أتوا بالقبائح‌ ‌من‌ قبل‌ نفوسهم‌، و الحجة قائمة ‌عليهم‌ و ‌قوله‌ «فَأَهلَكنا أَشَدَّ مِنهُم‌ بَطشاً» اخبار ‌منه‌ ‌تعالي‌ انه‌ أهلك‌ ‌الّذين‌ ‌هم‌ أشد


[1] ‌سورة‌ 11 هود آية 40
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست