لما اخبر اللّه تعالي أن الظالمين أنفسهم بارتكاب المعاصي و ترك الواجبات في عذاب مقيم دائم غير منقطع، اخبر في الآية الّتي بعدها انهم لم يكن لهم أولياء في ما عبدوه من دون اللّه، و لا فيمن أطاعوه في معصية اللّه، أي أنصار ينصرونهم من دون اللّه و يرفعون عنهم عقابه. و قيل: المراد من يعبدونه من دون اللّه او يطيعونه في معصية اللّه لا ينفعهم يوم القيامة. فالفائدة بذلك اليأس من أي فرج إلا من قبل اللّه، فلهذا من کان هلاكه بكفره لم يكن له ناصر يمنع منه.
ثم قال (وَ مَن يُضلِلِ اللّهُ) أي من أضله اللّه عن طريق الجنة و عدل به إلي النار (فَما لَهُ مِن سَبِيلٍ) يوصله إلي الجنة و الثواب. و يحتمل ان يکون المراد و من يحكم اللّه بضلاله و يسميه ضالا لم يكن لأحد سبيل الي ان يحكم بهدايته. ثم قال تعالي لخلقه (استَجِيبُوا لِرَبِّكُم) يعني أجيبوه إلي ما دعاكم اليه و رغبكم فيه من المصير الي طاعته و الانقياد لأمره (مِن قَبلِ أَن يَأتِيَ يَومٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللّهِ ما لَكُم مِن مَلجَإٍ يَومَئِذٍ) أي لا مرجع له بعد ما حكم به. و قيل معناه لا يتهيأ لاحد رده و لا يکون لكم ملجأ تلجئون اليه في ذلک اليوم. و الملجأ و المحرز نظائر (وَ ما لَكُم مِن نَكِيرٍ) أي تعيير انكار. و قيل: معناه من نصير ينكر ما يحل بكم ثم قال لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله (فَإِن أَعرَضُوا) يعني هؤلاء الكفار و عدلوا عما دعوناهم اليه و لا يستجيبون اليه (فَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم حَفِيظاً) أي حافظاً تمنعهم من الكفر (إن عليك) أي ليس عليك (إلا البلاغ) و هو إيصال المعني الي افهامهم و تبين لهم ما فيه رشدهم، فالذي يلزم الرسول دعاؤهم الي الحق، و لا يلزمه ان يحفظهم من اعتقاد خلاف الحق. ثم اخبر تعالي عن حال الإنسان و سرعة تنقله من حال الي حال فقال (وَ إِنّا إِذا أَذَقنَا الإِنسانَ مِنّا رَحمَةً) و أوصلنا اليه نعمة (فَرِحَ بِها وَ إِن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَت أَيدِيهِم) أي عقوبة جزاء بما قدمته أيديهم من المعاصي (فَإِنَّ الإِنسانَ كَفُورٌ) يعدد المصائب