الوجه بما يسوء صاحبه.
ثم امر نبيه صلي الله عليه و آله فقال «فبشر عبادي» فمن اثبت الياء و فتحها، فلأنه الأصل و من حذف الياء اجتزأ بالكسرة الدالة عليها، ثم وصف عباده الّذين أضافهم إلي نفسه علي وجه الاختصاص فقال «الَّذِينَ يَستَمِعُونَ القَولَ» يعني يصغون إلي تلاوة القرآن و الأقوال الدالة علي توحيده «فَيَتَّبِعُونَ أَحسَنَهُ» إنما قال «أحسنه» و لم يقل حسنه لأنه أراد ما يستحق به المدح و الثواب، و ليس کل حسن يستحق به ذلک، لان المباح حسن و لا يستحق به مدح و لا ثواب. و الأحسن الأولي بالفعل في العقل و الشرع.
ثم اخبر تعالي فقال «أُولئِكَ» يعني هؤلاء الّذين وصفهم من المؤمنين هم «الَّذِينَ هَداهُمُ اللّهُ» يعني الي الجنة و ثوابها، و حكم بأنهم مهتدون إلي الحق «وَ أُولئِكَ هُم أُولُوا الأَلبابِ» يعني أولوا العقول علي الحقيقة، لأنهم الّذين انتفعوا بعقولهم من حيث اتبعوا ما يجب اتباعه، و الكفار و إن کان لهم عقول فكأنهم لا عقول لهم من حيث أنهم لم ينتفعوا بما دعوا اليه.
ثم قال تعالي علي وجه التنبيه «أَ فَمَن حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ» أي وجب عليه الوعيد بالعقاب جزاء علي كفره كمن وجب له الوعد بالثواب جزاء علي إيمانه و حذف لدلالة الكلام عليه تنبيهاً علي أنهما لا يستويان.
ثم قال لنبيه صلي الله عليه و آله «أَ فَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النّارِ» و تقديره أ فأنت تنقذه، لا يمكنك ذلک، لان العقاب وجب له بكفره. و اخبر تعالي انه لا يغفر له و إنما اتي بالاستفهام مرتين تأكيداً، للتنبيه علي المعني، قال الزجاج: معناه معني الشرط و الجزاء، و الف الاستفهام- هاهنا- معناها التوقيف، و الثانية في قوله «أَ فَأَنتَ