قرأ إبن كثير، و نافع، و ابو عمرو، و إبن عامر، و ابو بكر عن عاصم «يفعلون» بالياء. الباقون بالتاء.
من قرأ بالياء، فعلي أن اللّه يعلم ما يفعله الكفار فيجازيهم عليه. و من قرأ بالتاء فعلي وجه الخطاب لهم بذلك.
لما اخبر اللّه تعالي ان من يطلب بأعماله الدنيا أنه يعطيه شيئاً منها، و انه ليس له حظ من الخير في الآخرة. و قال (أَم لَهُم شُرَكاءُ) يعني بل هؤلاء الكفار لهم شركاء في ما يفعلونه أي اشركوهم معهم في أعمالهم بأن «شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ» ألذي قلدوهم فيه «ما لَم يَأذَن بِهِ اللّهُ» أي لم يأمر به و لا أذن فيه. ثم قال «وَ لَو لا كَلِمَةُ الفَصلِ» أي كلمة الحكم ألذي قال اللّه: إني أؤخر عقوبتهم، و لا أعاجلهم به في الدنيا «لَقُضِيَ بَينَهُم» و فصل الحكم فيهم و عوجلوا بما يستحقونه من العذاب. ثم قال «وَ إِنَّ الظّالِمِينَ» لنفوسهم بارتكاب المعاصي «لَهُم عَذابٌ أَلِيمٌ» أي مؤلم أي هم مستحقون لذلك يوم القيامة. ثم قال «تَرَي الظّالِمِينَ» يا محمّد «مُشفِقِينَ» أي خائفين «مِمّا كَسَبُوا» يعني من جزاء ما كسبوا من المعاصي و هو العقاب ألذي استحقوه «وَ هُوَ واقِعٌ بِهِم» لا محالة لا ينفعهم إشفاقهم منه، و لا خوفهم من وقوعه، و الإشفاق الخوف من جهة الرقة علي المخوف عليه من وقوع الأمر، و اصل الشفقة الرقة من قولهم ثوب مشفق أي رقيق رديء، و دين فلان مشفق أي رديء.
ثم قال «وَ الَّذِينَ آمَنُوا» باللّه و صدقوا رسله «وَ عَمِلُوا» الأفعال «الصّالِحاتِ»، من الطاعات «فِي رَوضاتِ الجَنّاتِ» فالروضة الإرض الخضرة بحسن النبات، و الجنة الإرض الّتي يجنها الشجر، و البستان الّتي عمها النبات أي هم مستحقون للكون فيها «لَهُم ما يَشاؤُنَ عِندَ رَبِّهِم» و معناه لهم ما يشتهون من اللذات، لان