responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 155

و ‌قوله‌ «و ‌ما يدريك‌» ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ و ‌لا‌ و ‌لا‌ غيرك‌ «لَعَل‌َّ السّاعَةَ قَرِيب‌ٌ» إنما ‌قال‌ (قريب‌) ‌مع‌ تأنيث‌ الساعة، لان‌ تأنيثها ليس‌ بحقيقي‌. و ‌قيل‌: التقدير لعل‌ مجيئها قريب‌. و إنما أخفي‌ ‌الله‌ ‌تعالي‌ الساعة و وقت‌ مجيئها ‌عن‌ العباد، ليكونوا ‌علي‌ خوف‌ و يبادروا بالتوبة، و ‌لو‌ عرفهم‌ عنها لكانوا مغربين‌ بالقبيح‌ قبل‌ ‌ذلک‌ تعويلا ‌علي‌ التأني‌ بالتوبة.

و ‌قوله‌ «يَستَعجِل‌ُ بِهَا» يعني‌ بالساعة «الَّذِين‌َ لا يُؤمِنُون‌َ بِها» ‌ أي ‌ ‌لا‌ يقرون‌ بها و ‌لا‌ يصدقون‌ لجهلهم‌ ‌بما‌ ‌عليهم‌ ‌في‌ مجيئها ‌من‌ استحقاق‌ العقاب‌ و ‌ما للمؤمنين‌ ‌من‌ الثواب‌. و ‌قال‌ «وَ الَّذِين‌َ آمَنُوا» ‌ أي ‌ صدقوا بها «مُشفِقُون‌َ مِنها» ‌ أي ‌ خائفون‌ ‌من‌ مجيئها لعلمهم‌ ‌بما‌ ‌فيها‌ ‌من‌ استحقاق‌ العقاب‌ و الأهوال‌ فيحذرونها «وَ يَعلَمُون‌َ أَنَّهَا الحَق‌ُّ» ‌ أي ‌ و يعلمون‌ ‌ان‌ مجيئها الحق‌ ‌ألذي‌ ‌لا‌ خلاف‌ ‌فيه‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ ألا ‌إن‌ ‌الّذين‌ يمارون‌ ‌في‌ الساعة لفي‌ ضلال‌ بعيد ‌ أي ‌ يجادلون‌ ‌في‌ مجيئها ‌علي‌ وجه‌ الإنكار لها لفي‌ ضلال‌ ‌عن‌ الصواب‌ و عدول‌ ‌عن‌ الحق‌ بعيد.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «اللّه‌ُ لَطِيف‌ٌ بِعِبادِه‌ِ» فلطفه‌ بعباده‌ إيصاله‌ المنافع‌ اليهم‌ ‌من‌ وجه‌ يدق‌ ‌علي‌ ‌کل‌ عاقل‌ إدراكه‌، و ‌ذلک‌ ‌في‌ الأرزاق‌ ‌الّتي‌ قسمها ‌الله‌ لعباده‌ و صرف‌ الآفات‌ عنهم‌، و إيصال‌ السرور اليهم‌ و الملاذ، و تمكينهم‌ بالقدرة و الآلات‌ ‌إلي‌ ‌غير‌ ‌ذلک‌ ‌من‌ ألطافه‌ ‌الّتي‌ ‌لا‌ تدرك‌ ‌علي‌ حقيقتها و ‌لا‌ يوقف‌ ‌علي‌ كنهها لغموضها. ‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «يَرزُق‌ُ مَن‌ يَشاءُ وَ هُوَ القَوِي‌ُّ» يعني‌ القادر ‌ألذي‌ ‌لا‌ يعجزه‌ شي‌ء «العَزِيزُ» ‌ألذي‌ ‌لا‌ يغالب‌.

و ‌قوله‌ «مَن‌ كان‌َ يُرِيدُ حَرث‌َ الآخِرَةِ نَزِد لَه‌ُ فِي‌ حَرثِه‌ِ» ‌قيل‌: معناه‌ إنا نعطيه‌ بالحسنة عشراً ‌إلي‌ ‌ما شئنا ‌من‌ الزيادة «وَ مَن‌ كان‌َ يُرِيدُ حَرث‌َ الدُّنيا» ‌ أي ‌ ‌من‌ عمل‌ الدنيا «نُؤتِه‌ِ» ‌ أي ‌ نعطيه‌ نصيبه‌ «مِنها» ‌من‌ الدنيا ‌لا‌ جميع‌ ‌ما يريده‌ بل‌ ‌علي‌

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست