فليذوقوه حميم و غسان. و يجوز أن تجعله مستأنفاً كأنك قلت هذا فليذوقوه.
ثم قلت منه حميم و غساق.
أمرهم اللّه بذواق الحميم، لان الذواق ابتداء إدراك الطعم علي طلبه بالفم، و لذلك يقال: ذقته فلم أجد له طعماً لما فيه من طلب ادراك الطعم بالفم.
و من طلب إدراك الشيء کان أشد احساساً به. و الحميم الحار الشديد الحرارة، و منه الحمي لشدة حرارتها و حم الشيء إذا دنا و أحمه لهذا أي أدناه قال الشاعر:
أحم اللّه ذلک من لقاء أحاد أحاد في الشهر الحلال[1]
و الغساق ما يسيل من صديد أهل النار. و قال إبن عمر: هو القيح ألذي يسيل منهم يجمع فيسقونه، و قال كعب الأحبار: الغساق عين في جهنم يسيل اليها سم کل ذات حمة من عقرب و حية. و قيل: هو قيح شديد النتن، يقال: غسقت القرحة تغسق غسوقاً. و التشديد و التخفيف لغتان. و قيل:
الغساق الزمهرير- في قول إبن مسعود- فلبرده يحرق کما تحرق النار.
ثم قال (وَ آخَرُ مِن شَكلِهِ أَزواجٌ) معناه أنواع أخر من شكل العذاب أزواج اي أمثال. و قال الحسن: ذكر السلاسل و الاغلال و نحوه، ثم قال (وَ آخَرُ مِن شَكلِهِ) مما لم ير في الدنيا. و الشكل- بفتح الشين- الضرب المشابه. و الشكل- بكسر الشين- النظير في الحسن، و من قرأ (و آخر) أراد الواحد. و من قرأ (و أخر) أراد الجمع (ازواج) معناه اشكال. ثم قال (هذا فَوجٌ مُقتَحِمٌ مَعَكُم) قال الحسن يعني به بني إبليس، و الآخر بنو آدم يقتحمون معكم النار و عذابها (لا مَرحَباً بِهِم) أي لا اتسعت لهم أماكنهم (إِنَّهُم صالُوا النّارِ) أي لازموها. قال الفراء: