و قوله (حيث أصاب) قال إبن عباس و مجاهد و الضحاك و السدي:
معناه حيث أراد، يقول القائل: أصاب اللّه بك الرشاد أي أراد الله، و المعني انها تنطاع له كيف أراد، و قال الحسن: کان يغدو من أبله، و يقيل بقزوين و يبيت بكابل. و الاصابة لحاق البغية، يقال أصاب الهدف بالسهم يصيبه إصابة، و منه الصواب إدراك الحق بالميل اليه، و قوله (و الشياطين) نصبه بالعطف علي مفعول (فسخرنا) و تقديره و سخرنا له الشياطين کل بناء و غواص و نصب (کل) علي البدل من الشياطين و هو بعضه فالغواص هو ألذي يغوص في الماء أي ينزل فيه تقول: غاص يغوص غوصاً فهو غائص و غوصه تغويصاً و کل الشياطين يغوصون له في البحار و غيرها من الأنهار بحسب ما يريد منهم و يبنون له الأبنية العجيبة الّتي يعجز النّاس عن مثلها. و قال قتادة: كانوا يغوصون في البحار يستخرجون له الحلي منها، و غير ذلک (وَ آخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصفادِ) الأصفاد واحدها صفاد، و هو الغل و جمعه أغلال. و قال السدي: السلاسل تجمع اليدين إلي العنق و الصفد الغل. و الصفد العطاء، و بعضهم يقول: اصفدني قال الأعشي:
[تضيفته يوماً فقرب مقعدي] و اصفدني علي الزمانة قائداً[1]
و ذلک انه ارتبط من شكره بمثل الغل، و (مقرنين) هم الّذين قرن بعضهم إلي بعض بالسلاسل.
ثم قال تعالي (هذا عَطاؤُنا فَامنُن أَو أَمسِك بِغَيرِ حِسابٍ) قال الحسن:
معناه هذا الملك ألذي أعطيناك، فأعط ما شئت و امنع ما شئت. و قال قتادة و الضحاك: معناه لا تحاسب علي ما تعطي و تمنع منه يوم القيامة ليكون أهنأ لك