و قوله «إِن كِدتَ لَتُردِينِ» و هي الّتي في قوله «إِن كُلُّ نَفسٍ لَمّا عَلَيها حافِظٌ»[1] إلا أنها دخلت في هذا علي (فعل) و معني «لتردين» لتهلكني كهلاك المتردي من شاهق، و منه قوله «وَ ما يُغنِي عَنهُ مالُهُ إِذا تَرَدّي»[2] في النار، و تقول ردي يردي إذا هلك و أرداه غيره إرداء إذا أهلكه ثم يقول «وَ لَو لا نِعمَةُ رَبِّي» علي و رحمته لي بأن لطف لي في ترك متابعتك و القبول منك «لَكُنتُ» أنا ايضاً «مِنَ المُحضَرِينَ» معك في النار فالاحضار الإتيان بالشيء إلي حضرة غيره، و قال الشاعر:
أ في الطوف خفت علي الردي و كم من رد أهله و لم يرم[3]
أي من هالك، و قوله «أَ فَما نَحنُ بِمَيِّتِينَ إِلّا مَوتَتَنَا الأُولي وَ ما نَحنُ بِمُعَذَّبِينَ» هذا تقريع لهم و توبيخ، لأن هذا الكافر کان يقول كثيراً ذلک في دار الدنيا، و مثله قول الشاعر:
قالت له و يضيق ضنك لا تكثري لومي اخلي عنك
و معناه إنها كانت تلومه علي الإنفاق، فكان يقول لا تكثري لومي فأطلقك فلما أنفق عيرته بذلك و وبخته و حكت ما کان يقول عند توبيخها و عذلها.