و معناه او لم يعلموا (أَنّا خَلَقنا لَهُم مِمّا عَمِلَت أَيدِينا أَنعاماً) و معناه إنا عملناه من غير أن نكله إلي غيرنا، فهو بمنزلة ما يعمله العباد بأيديهم في انهم تولوا فعله و لم يكلوه إلي غيرهم، و تقديره انا تولينا خلق الانعام لهم بأنفسنا، و الأنعام جمع النعم، و هي الإبل و البقر و الغنم (فَهُم لَها مالِكُونَ) معناه لو لم يخلق ذلک لما صح ملكهم لها، و كذلك سائر أملاك العباد بهذه الصفة فهو المنعم علي عباده بكل ما ملكوه، و بحسب ما ينتفعون به يکون حاله حال المنعم. و اليد في اللغة علي أربعة أقسام: أحدهما- الجارحة. و الثاني- النعمة، و الثالث- القوة. و الرابع- بمعني تحقيق الاضافة. تقول: له عندي يد بيضاء أي نعمة، و تلقي قولي باليدين أي بالقوة و التقبل، و قول الشاعر:
دعوت لما نابني مسوراً فلبي فلبي يدي مسور
فهذا بمعني تحقيق الاضافة. و تقول هذا ما جنت يدك، و ما كسبت يدك أي ما كسبت أنت.
و قوله (وَ ذَلَّلناها لَهُم) فتذليل الانعام تسخيرها بالانقياد و رفع النفور لان الوحشي من الحيوان نفور، و الانسي مذلل بما جعله اللّه فيه من الانس و السكون، و رفع عنه من الاستيحاش و النفور. و قوله (فَمِنها رَكُوبُهُم وَ مِنها يَأكُلُونَ) قسمة الانعام، فان اللّه تعالي جعل منها ما يركب و منها ما يذبح و ينتفع بلحمه و يؤكل، فالركوب- بفتح الراء- صفة، يقال: دابة ركوب أي تصلح للركوب، و الركوب- بضم الراء- مصدر ركبت. و قرأت عائشة (فمنها ركوبتهم) مثل الحلوبة. و قوله (وَ لَهُم فِيها مَنافِعُ وَ مَشارِبُ) فمن منافعها لبس أصوافها و شرب ألبانها و أكل لحومها و ركوب ظهورها إلي غير ذلک من انواع المنافع الكثيرة فيها. ثم قال (أ فلا تشكرون) اللّه علي هذه