قرأ أبو بكر عن عاصم (فعززنا) مخففاً بمعني فقهرنا من قولهم: من عزيز الباقون بالتشديد يعني قوينا الاثنين بثالث معيناً، لما قال اللّه تعالي لنبيه صلي اللّه عليه و آله إن هؤلاء الكفار لا يؤمنون أبداً و أخبره بأنه سواء عليهم الانذار و ترك الانذار بين هاهنا حال من ينتفع بالإنذار فقال (إِنَّما تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكرَ) و معناه إنما ينتفع بانذارك و تخويفك من اتبع الذكر، لان نفس الانذار قد حصل للجميع و أضافه- هاهنا- إلي من اتبع الذكر لما كانوا المنتفعين به، کما قال (هدي للمتقين). و الذكر المذكور- هاهنا- القرآن- في قول قتادة- (وَ خَشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ) قيل في معناه قولان:
أحدهما- و خشي الرحمن و خاف ارتكاب معاصيه في غيبه عن النّاس.
و الثاني- و خشي الرحمن في ما غاب عنه من الآخرة و أمرها.
ثم قال لنبيه من هذه صفته (فَبَشِّرهُ بِمَغفِرَةٍ) من اللّه لذنوبه (و اجر) أي ثواب (كَرِيمٍ) و هو ما يفعله اللّه علي وجه الإجلال و الإكرام. و قيل: الأجر الكريم الجنة.
ثم اخبر تعالي عن نفسه فقال (إِنّا نَحنُ نُحيِ المَوتي) بعد أن افنيناهم (وَ نَكتُبُ ما قَدَّمُوا) من طاعاتهم و معاصيهم في دار الدنيا، و هو قول مجاهد و قتادة (و آثارهم) قال مجاهد: يعني خطاهم إلي المساجد، لان بني سلمة من الأنصار شكوا إلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بعد منازلهم من المسجد و الصلاة مع رسول اللّه، فنزلت فيهم الآية. و قيل: معناه و آثارهم الّتي تبقي بعدهم و يقتدي بهم فيها.
ثم قال (وَ كُلَّ شَيءٍ أَحصَيناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) و معناه أحصيناه في كتاب ظاهر، و هو اللوح المحفوظ. و الوجه في احصاء ذلک في إمام مبين اعتبار