اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 8 صفحة : 218
اقترحوها او آيات کما أنزل علي موسي و عيسي، قال اللّه لهم «أَ وَ لَم يَكفِهِم أَنّا أَنزَلنا عَلَيكَ» يا محمّد «الكِتابَ» يعني القرآن «يُتلي عَلَيهِم» فبين أن في القرآن دلالة واضحة و حجة بالغة ينزاح معه العلة و تقوم به الحجة لا يحتاج معه الي غيره في الوصول الي العلم بصحة نبوته و أنه مبعوث من عند اللّه، مع أن اظهار المعجزات مع كونها لازاحة العلة يراعي فيها المصلحة. فإذا كانت المصلحة في اظهار نوع منها لم يجز إظهار غيرها، و لو اظهر اللّه الاعلام الّتي اقترحوها ثم لم يؤمنوا، لاقتضت المصلحة استئصالهم کما اقتضت في الأمم الماضية، و قد وعد اللّه أن هذه الأمة لا تعذب بعذاب الاستئصال، کما قال «وَ ما مَنَعَنا أَن نُرسِلَ بِالآياتِ إِلّا أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ»[1]. و الكفاية بلوغ حد ينافي الحاجة، يقال: كفي يكفي كفاية، فهو كاف. و قيل: إن الآية نزلت في قوم كتبوا شيئاً من كتب أهل الكتاب شبه الخرافات. فقال اللّه تعالي (أَ وَ لَم يَكفِهِم) القرآن تهديداً لهم و منعاً من التعرض لغيره. و قولهم: كفي الله معناه أنه فعل ما ينافي الحاجة بالنصرة. و التلاوة هي القراءة و سميت تلاوة لأنه يتلو حرف حرفاً في التلاوة. و القرآن مشتق من جمع الحروف بعضها الي بعض.
ثم بين الله تعالي (إن في ذلک) أي القرآن (لرحمة) أي نعمة (و ذكري) اي ما يتذكر به و معتبر (لقوم يؤمنون) يصدقون به و يعتبرون و انما أضافه اليهم، لأنهم الّذين ينتفعون به. ثم أمر نبيه صلي الله عليه و آله أن يقول (كفي بالله) أي كفي الله. و الباء زائدة (بَينِي وَ بَينَكُم شَهِيداً) يشهد بالحق.
و الشاهد و الشهيد واحد، و فيه مبالغة، و الشهادة هي الخبر بالشيء عن مشاهدة تقوم به الحجة في حكم من أحكام الشرع، و لذلك لم يكن خبر من لا تقوم به