سحابة تطوقت حيال الكعبة، فبني علي ظلها. و اصل بوأنا من قوله «باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللّهِ» أي رجعوا بغضب منه. و منه قول الحارث بن عباد (بؤ بشسع كليب) أي ارجع، قال الشاعر:
فان تكن القتلي بواء فإنكم فتي ما قتلتم آل عوف إبن عامر[1]
اي قد رجع بعضها ببعض في تكافئ. و تقول: بوأته منزلا أي جعلت له منزلا يرجع اليه، و المكان و الموضع و المستقر نظائر. و البيت مكان مهيأ بالبناء للبيتوتة، فهذا أصله. و جعل البيت الحرام علي هذه الصورة. و قوله «أَن لا تُشرِك بِي شَيئاً» معناه و أمرناه ألا تشرك بي شيئاً في العبادة (و طهر بيتي) قال قتادة:
يعني من عبادة الأوثان. و قيل: من الأدناس. و قيل من الدماء، و الفرث، و الاقذار الّتي كانت ترمي حول البيت. و يلطخون به البيت إذا ذبحوا.
و قوله (للطائفين) يعني حول البيت (وَ القائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ) يعني طهر حول البيت للذين يقومون هناك للصلاة و الركوع و السجود. و قال عطاء:
و القائمين في الصلاة. و إذا قال: طاف، فهو من الطائفين، و إذا قعد، فهو من العكف، و إذا صلي، فهو من الركع السجود.
و في الآية دلالة علي جواز الصلاة في الكعبة.
و قوله (وَ أَذِّن فِي النّاسِ بِالحَجِّ) قال الحسن: و الجبائي: هو أمر للنبي (ص) أن يؤذن للناس بالحج و يأمرهم به، و انه فعل ذلک في حجة الوداع. و قال إبن عباس: ان إبراهيم قام في المقام، فنادي ( يا أيها النّاس إن الله قد دعاكم الي الحج) فأجابوا (بلبيك اللهم لبيك).
و قوله (يَأتُوكَ رِجالًا) أي مشاة علي أرجلهم، فرجال جمع راجل مثل