آية بلا خلاف.
هذه حكاية ما قال يعقوب لابنه يوسف (ع) و قوله له ان اللّه يجتبيك، و يختارك، و يصطفيك و يكرمك بذلك، کما أكرمك بأن أراك في منامك هذه الرؤيا، فوجه التشبيه و هو إعطاء الرؤيا بإعطاء الاجتباء مع ما انضاف اليه من الصفات الكريمة المحمودة الّتي ذكرها. و الاجتباء إختيار معالي الأمور للمجتبي مثل ما اختاره اللّه تعالي ليوسف من الخصال الكريمة و الأمور السنية، و قال الحسن: اجتباه اللّه بالنبوّة، و بشره بذلك. و أصله من جبيت الشيء إذا أخلصته لنفسك، و منه جبيت الماء في الحوض.
و موضع الكاف من و (كذلك) نصب، و المعني مثل ما رأيت تأويله يجتبيك ربك.
«وَ يُعَلِّمُكَ مِن تَأوِيلِ الأَحادِيثِ» معناه أنه تعالي يعرفك عبارة الرؤيا- في قول قتادة، و مجاهد- و ذلک تأويل أحاديث النّاس عما يرونه في منامهم، و قيل کان أعبر النّاس للرؤيا، ذكره إبن زيد. و قال الزجاج، و الجبائي: معناه يعلمك تأويل الأحاديث في آيات اللّه تعالي و دلائله علي توحيده، و غير ذلک من أمور دينه. و التأويل في الأصل هو المنتهي ألذي يؤل اليه المعني. و تأويل الحديث فقهه ألذي هو حكمه، لأنه اظهار ما يؤل اليه أمره مما يعتمد عليه و فائدته.
و قوله «وَ يُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ» فاتمام النعمة هو أن يحكم بدوامها علي إخلاصها من شائب بها فهذه النعمة التامة بخلوصها مما ينغصها، و لا تطلب الا من اللّه تعالي لأنه لا يقدر عليها سواه. و قوله «كَما أَتَمَّها عَلي أَبَوَيكَ مِن قَبلُ إِبراهِيمَ وَ إِسحاقَ» اخبار من يعقوب ليوسف أن اللّه تعالي يديم عليه هذه النعمة، کما أدامها علي أبويه قبله: إبراهيم و إسحاق، و اصطفائه إياهما و جعله لهما نبيين رسولين الي خلقه