آية بلا خلاف.
اخبر اللّه تعالي أنه أعطي موسي الكتاب يعني التوراة و إن قومه اختلفوا فيه يعني في صحة الكتاب ألذي انزل اليه، و أراد بذلك تسلية النبي صلي اللّه عليه و سلّم عن تكذيب قومه إياه و جحدهم للقرآن المنزل عليه، فبين له أنه كذلك فعل قوم موسي بموسي، فلا تحزن لذلك، و لا تغتم له. ثم قال «وَ لَو لا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُم» معناه و لو لا خبر اللّه السابق بأنه يؤخر الجزاء الي يوم القيامة لما في ذلک من المصلحة، لعجل الثواب و العقاب لأهله. (و الكلمة) واحدة الكلم و لذلك، يقال للقصيدة: كلمة. ثم أخبر عن حال كفار قوم النبي صلي اللّه عليه و سلّم أنهم لفي شك مما أخبرناك به مريب، و (الريب) أقوي الشك. (و الاختلاف) ذهاب کل واحد الي جهة غير جهة الآخر، و هو علي ثلاثة أوجه:
أحدها- اختلاف النقيضين فهذا لا يجوز أن يصحا معاً، فأحدهما مبطل لصاحبه.
و الآخر اختلاف الجنسين، كاختلاف المجتهدين في جهة القبلة، فهذا يجوز أن يصحا، لأنه تابع للمصلحة و لا تناقض في ذلک، و منه اختلاف المجتهدين في الفروع علي مذهب من قال بجوازه.
وَ إِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُم رَبُّكَ أَعمالَهُم إِنَّهُ بِما يَعمَلُونَ خَبِيرٌ (111)
اختلف القرّاء في قوله «وَ إِنَّ كُلًّا لَمّا» علي اربعة أوجه:
قرأ إبن كثير و نافع بتخفيف (إن) و تخفيف (لما) و قرأ إبن عامر و حمزة