responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 517

‌ذلک‌ و ‌لا‌ يقدرون‌ ‌علي‌ معارضته‌، لأنه‌ ‌تعالي‌ ‌قال‌ «قل‌» ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ لهؤلاء الكفار «لَئِن‌ِ اجتَمَعَت‌ِ الإِنس‌ُ وَ الجِن‌ُّ» متعاونين‌ متعاضدين‌ «عَلي‌ أَن‌ يَأتُوا بِمِثل‌ِ هذَا القُرآن‌ِ» ‌في‌ فصاحته‌ و بلاغته‌ و نظمه‌، ‌علي‌ الوجه‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ ‌عليه‌، ‌من‌ كونه‌ ‌في‌ الطبقة العليا ‌من‌ البلاغة و ‌علي‌ حد يشكل‌ ‌علي‌ السامعين‌ ‌ما بينهما ‌من‌ التفاوت‌، ‌لما‌ أتوا بمثله‌، و لعجزوا عنه‌ «وَ لَو كان‌َ بَعضُهُم‌ لِبَعض‌ٍ ظَهِيراً» اي‌ معيناً، و المثلية ‌الّتي‌ تحدوا بالمعارضة بها معتادة بينهم‌، كمعارضة علقمه‌ لامرئ‌ القيس‌، و معارضة الحرث‌ ‌إبن‌ حلزة عمرو ‌بن‌ كلثوم‌، و معارضة جرير الفرزدق‌. و ‌ما ‌کان‌ ‌ذلک‌ خافياً ‌عليهم‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ «وَ لَقَد صَرَّفنا لِلنّاس‌ِ فِي‌ هذَا القُرآن‌ِ مِن‌ كُل‌ِّ مَثَل‌ٍ» و تصريفه‌ إياه‌ ‌هو‌ توجيهه‌ إياه‌ ‌في‌ معان‌ٍ مختلفة. و ‌قال‌ الرماني‌: ‌هو‌ تصيير المعني‌ دائراً فيما ‌کان‌ ‌من‌ المعاني‌ المختلفة. و ‌ذلک‌ ‌أنه‌ ‌لو‌ أدير ‌في‌ المعاني‌ المتفقة ‌لم‌ يعد ‌ذلک‌ تصريفاً، فالتصريف‌ تصيير المعني‌ دائرا ‌في‌ الجهات‌ المختلفة.

و ‌قوله‌ «لا يَأتُون‌َ بِمِثلِه‌ِ» انما رفعه‌ لأنه‌ غلب‌ جواب‌ القسم‌ ‌علي‌ جواب‌ (‌إن‌) لوقوعه‌ ‌في‌ صدر الكلام‌، و ‌قد‌ يجوز ‌أن‌ يجزم‌ ‌علي‌ جواب‌ (‌إن‌) ‌إلا‌ ‌أن‌ الرفع‌ الوجه‌، و ‌قال‌ الأعشي‌:

لئن‌ منيت‌ بنا ‌عن‌ غب‌ معركة        ‌لا‌ تلقنا ‌من‌ دماء القوم‌ ننتقل‌[1]

و ‌قوله‌ «فَأَبي‌ أَكثَرُ النّاس‌ِ إِلّا كُفُوراً» معناه‌ إنما «صَرَّفنا لِلنّاس‌ِ فِي‌ هذَا القُرآن‌ِ مِن‌ كُل‌ِّ مَثَل‌ٍ» ليستدلوا ‌به‌ ‌علي‌ كونه‌ ‌من‌ قبل‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ و ‌مع‌ ‌ذلک‌ يأبي‌ أكثر ‌النّاس‌ ‌إلا‌ الجحد ‌به‌، و إنكاره‌، فالكفور‌-‌ هاهنا‌-‌ ‌هو‌ الجحود للحق‌ بالاستكبار.

و يقولون‌ ‌مع‌ ‌ذلک‌ «لَن‌ نُؤمِن‌َ لَك‌َ» ‌ يا ‌ ‌محمّد‌ «حَتّي‌ تَفجُرَ لَنا مِن‌َ الأَرض‌ِ يَنبُوعاً» و معناه‌ ‌حتي‌ تشقق‌ ‌من‌ ‌الإرض‌ عيناً ينبع‌ بالماء ‌ أي ‌ يفور، فهو ‌علي‌ وزن‌


[1] ديوانه‌ (دار بيروت‌) 149 و روايته‌ (تلفنا) بدل‌ (تلفنا) و المعني‌ واحد. و ‌هو‌ ‌في‌ تفسير روح‌ المعاني‌ 15: 136 و تفسير الطبري‌ 15: 100
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 517
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست