بترغيب يخصّه في شدته. و قال مجاهد: لأنها فضيلة له و لغيره كفَّارة، لان اللّه تعالي غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر، و هذا ايضاً من اختصاصه بما ليس لغيره.
و قوله: «عَسي أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحمُوداً» معناه متي فعلت ما ندبناك اليه من التهجد يبعثك اللّه مقاماً محموداً، و هي الشفاعة، في قول إبن عباس، و الحسن، و مجاهد، و قتادة. و قال قوم: المقام المحمود إعطاؤه لواء الحمد.
و (عسي) من اللّه واجبه. و قد أنشد لابن مقبل في وجوبها:
ظني بهم كعسي و هم بتنوفة يتنازعون جوائز الأمثال[1]
يريد كيقين، ثم أمر اللّه نبيه صلّي اللّه عليه و سلّم أن يقول: «أَدخِلنِي مُدخَلَ صِدقٍ وَ أَخرِجنِي مُخرَجَ صِدقٍ» قال إبن عباس، و الحسن، و قتادة: إدخاله المدينة حين أخرج من مكة. و قيل ادخلني فيما أمرتني و اخرجني عما نهيتني بلطف من ألطافك. و قال الفراء: قال ذلک حين رجع من معسكره ألذي أراد أن يخرج الي الشام، حين قالوا له: ليست المدينة أرض الأنبياء، و «أَخرِجنِي مُخرَجَ صِدقٍ» يعني الي مكة.
و قال أيضاً: يا محمّد قل «وَ اجعَل لِي مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصِيراً» قال الحسن و قتادة: معناه اجعل لي عزّاً امتنع به ممن يحاول صدي عن إقامة فرائض اللّه في نفسه و غيره. و قال مجاهد: حجة بينة. ثم قال: «وَ قُل جاءَ الحَقُّ» يعني التوحيد و خلع الأنداد و العبادة للّه وحده لا شريك له «وَ زَهَقَ الباطِلُ» قال إبن عباس: معناه ذهب الباطل، و زهقت نفسه زهوقاً إذا خرجت، فكأنه خرج الي الهلاك. و قيل امر بهذا الدعاء إذا دخل في أمرٍ او خرج من امر. ثم قال تعالي و أخبر «إِنَّ الباطِلَ كانَ زَهُوقاً» باطلًا هالكاً لا ثبات له، و انه يضمحل و يتلاشي. و
روي عن إبن مسعود أنه قال: دخل النبي صلّي اللّه عليه و سلّم يوم الفتح مكة، و حول الكعبة ثلاثمائة و ستون صنماً، فجعل يطعنها بعود، و يقول: