اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 450
كلمة واحدة نحو «تَبُوءَ بِإِثمِي»[1] «و تبوء بحمله» و في قراءة أبي «ليسوءن وجوهكم» بنون خفيفة للتأكيد، كقوله «لَنَسفَعاً بِالنّاصِيَةِ»[2].
قال أبو علي الفارسي: لما قال «لتفسدن في الإرض مرتين» و بيّن المرة الأولي قال «فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ» أي المرة الآخرة بعثناهم «لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُم» فحذف (بعثناهم) لأنه تقدم ذكره، لأنه جواب (إذا)، و شرطها يقتضيه، فحذف للدلالة عليه فأما معني «ليسئوا» فقال أبو زيد: يقال: سؤته سأة و ساءة و مساءة و مسائية و سوائية، و قال «وجوهكم» علي أن الوجوه مفعولا ل «يسؤوا» و عدّي إلي الوجوه، لان الوجوه قد يراد بها ذوو الوجوه كقوله «هُوَ كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ»[3] و قال «وُجُوهٌ يَومَئِذٍ مُسفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُستَبشِرَةٌ»[4] و قال «وُجُوهٌ يَومَئِذٍ ناضِرَةٌ»[5] و قال النابغة:
أقارع عوفاً لا أحاول غيرها وجوه قرود تبتغي من تجادع[6]
فكأن الوجوه إنما خصت بذلك، لأنها تدل علي ما کان من تغير الوجوه من النّاس، من حزن أو مسرة، و بشارة و كآبة.
و حجة من قرأ بالياء و الجمع انه أشبه بما قبله و ما بعده، لان ألذي جاء قبله «بعثا عليكم رجالا» و بعده «وَ لِيَدخُلُوا المَسجِدَ» و هو بيت المقدس، و المبعوثون في الحقيقة هم الّذين يسؤونهم لقتلهم إياهم و أسرهم لهم، فهو وفق المعني.
و من قرأ بالياء و التوحيد، ففاعل «ليسوءوا» أحد شيئين.