سبحانه ثم سبحاناً يعود له و قبلنا سبح الجودي و الجمد[1]
و قال بعضهم انه يجوز أن يکون نصباً علي النداء، يريد: يا سبحان و معناه:
التنزيه للّه و التبعيد له من کل ما لا يليق به، و التسبيح يکون بمعني الصلاة، كقوله «فَلَو لا أَنَّهُ كانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ»[2] أي من المصلين- ذكره اكثر المفسرين- و منه السبحة و هي النافلة. و روي أنه کان إبن عمر يصلي سبحته في موضعه ألذي يصلي فيه المكتوبة و يکون بمعني الاستثناء، كقوله «فلو لا تسبحون» أي فلو لا تستثنون، و هي لغة لبعض أهل اليمن، و لا وجه للكلام غيره، لأنه قال «إِنّا بَلَوناهُم كَما بَلَونا أَصحابَ الجَنَّةِ» الي قوله «وَ لا يَستَثنُونَ» ثم «قالَ: أَوسَطُهُم أَ لَم أَقُل لَكُم لَو لا تُسَبِّحُونَ»[3] فذكّرهم تركهم الاستثناء. فأما سبحة النور الّتي دون اللّه، قال المبرد: لا يعرف إلا من الخبر ألذي
روي (لو لا ذلک لا حرقت سبحات وجهه)
بمعني نور وجهه أي ألذي إذا رأي الرائي قال سبحان اللّه.
و قال سيبويه (سبحان) براءة اللّه من السوء و هذا اسم لهذا المعني معرفة و قال الأعشي:
أقول لما جاءني فخزه سبحان من علقمة الفاخر[4]
اي براءة منه و لا ينزه بلفظ سبحان غير اللّه، و انما ذكره الشاعر نادراً علي الأصل و أجراه كالمثل في قوله «وَ إِن مِن شَيءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ»[5] معناه ليس شيء إلَّا و فيه دلالة علي تنزيه اللّه مما لا يليق به، و قولهم: سبح تسبيحاً أي قال سبحان اللّه، و السبح في التعظيم الجري فيه. و الاسراء سير الليل، اسري أسراء و سري يسري سري لغتان، قال الشاعر:
و ليلة ذات دجي سريت و لم يلتني عن سراها ليت[6]