ثلاث آيات بلا خلاف.
قرأ إبن كثير، و عاصم «و لنجزين الّذين صبروا» بالنون. الباقون بالياء.
من قرأ بالنون فحجته إجماعهم علي قوله «وَ لَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانُوا يَعمَلُونَ» أنه بالنون. و من قرأ بالياء، فلقوله «وَ ما عِندَ اللّهِ باقٍ» و ليجزين اللّه الّذين صبروا.
نهي اللّه عباده المكلفين ان يتخذوا ايمانهم دخلًا بينهم، و قد فسرنا معني دخلًا، و بيّن تعالي انه متي خالفوا ذلک زلت أقدامهم بعد ثبوتها، و هو مثل ضربه اللّه، و المعني أنهم يضلّ بعد ان کان علي الهدي. و قال قوم: الآية نزلت في الّذين بايعوا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلّم علي الإسلام و النصرة، نهوا عن نقض عهده، و ترك نصرته.
و قوله: «وَ تَذُوقُوا السُّوءَ» يعني العذاب، جزاء علي معاصيكم و ما صددتم عن اتباع سبيل اللّه، و لكم مع ذلک عذاب عظيم تعذبون به. ثم نهاهم، فقال:
«وَ لا تَشتَرُوا بِعَهدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلًا» أي لا تخالفوا عهد اللّه بسبب شيء يسير تنالونه من حطام الدنيا، فيكون قد بعتم ما عند اللّه بالشيء الحقير، و بيّن ان ألذي عند اللّه هو خير، و أشرف لكم إن كنتم تعلمون حقيقة ذلک و تحققونه، ثم قال: إن ألذي عند اللّه لا ينفد، هو باق، و ألذي عندكم من نعيم الدنيا ينفد و يفني، ثم أخبر بأنه يجزي الصابرين علي بلائه و جهاد أعدائه أجرهم و ثوابهم «بِأَحسَنِ ما كانُوا يَعمَلُونَ» و إنما قال بأحسن ما كانوا، لأن احسن أعمالهم هو الطاعة للّه تعالي، و ما عداه من الحسن مباح ليس بطاعة، و لا يستحق عليه أجر