responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 421

‌هذا‌ نهي‌ ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ للمكلفين‌ ‌ان‌ يكونوا «كَالَّتِي‌ نَقَضَت‌ غَزلَها مِن‌ بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثاً» فواحد الانكاث‌ نكث‌، و ‌کل‌ شي‌ء نقض‌ ‌بعد‌ الفتل‌ فهو أنكاث‌: حبلًا ‌کان‌ ‌او‌ غزلًا، يقال‌ ‌منه‌: نكث‌ فلان‌ الحبل‌ ينكثه‌ نكثاً، و الحبل‌ منتكث‌ ‌إذا‌ انتقضت‌ قواه‌. و (الدخل‌) ‌ما أدخل‌ ‌في‌ الشي‌ء ‌علي‌ فساد، و المعني‌ تدخلون‌ الايمان‌ ‌علي‌ فساد للغرور، و ‌في‌ نيتكم‌ الغدر بمن‌ حلفتم‌ ‌له‌، لأنكم‌ أكثر عدداً منهم‌ ‌أو‌، لان‌ غيركم‌ اكثر عدداً منكم‌ و ‌قيل‌ الدخل‌ الدغل‌ و الخديعة، و إنما ‌قيل‌ الدخل‌، لأنه‌ داخل‌ القلب‌ ‌علي‌ ترك‌ الوفاء و الظاهر ‌علي‌ الوفاء. و ‌قيل‌ (دخلًا) غلّا و غشّاً، و يقال‌: انا اعلم‌ دخل‌ فلان‌ و دخله‌ و دخلته‌ و دخيلته‌، و المعني‌ ‌لا‌ تنقضوا الايمان‌ لكثرتكم‌، و قلة ‌من‌ حلفتم‌ ‌له‌ ‌او‌ لقلتكم‌ و كثرتهم‌، فإذا وجدتم‌ اكثر منهم‌ نقضتم‌ بل‌ احفظوا عهدكم‌. و «دخلًا» منصوب‌ بأنه‌ مفعول‌ ‌له‌.

و ‌قوله‌ «أَن‌ تَكُون‌َ أُمَّةٌ هِي‌َ أَربي‌ مِن‌ أُمَّةٍ» اي‌ اكثر عدداً لطلب‌ العز بهم‌ ‌مع‌ الغدر بالأقل‌، و ‌هو‌ (أفعل‌) ‌من‌ الربا، ‌قال‌ الشاعر:

و اسمر خطي‌ّ كأن‌ كعوبه‌ نوي‌        العسيب‌ ‌قد‌ اربا ذراعاً ‌علي‌ عشر[1]

و ‌منه‌ أربا فلان‌ للزيادة ‌الّتي‌ يزيدها ‌علي‌ غريمه‌ ‌في‌ رأس‌ ماله‌ (و اربي‌) ‌في‌ موضع‌ رفع‌. و أجاز الفراء ‌ان‌ تكون‌ ‌في‌ موضع‌ نصب‌، و تكون‌ ‌هي‌ عماداً.

و ‌قال‌ الزجاج‌: ‌لا‌ يجوز ‌ذلک‌، لان‌ العماد ‌لا‌ ‌يکون‌ ‌بين‌ نكرتين‌، لأن‌ «امَّة» نكرة، و يفارق‌ ‌قوله‌ «تَجِدُوه‌ُ عِندَ اللّه‌ِ هُوَ خَيراً»[2] لأن‌ الهاء ‌في‌ تجدوه‌ معرفة.

و ‌قوله‌ «إِنَّما يَبلُوكُم‌ُ اللّه‌ُ بِه‌ِ» معناه‌ إنما يختبركم‌ اللّه‌ بالأمر بالوفاء، فالهاء ‌في‌ (‌به‌) عائدة ‌علي‌ الأمر، و تحقيقه‌ يعاملكم‌ معاملة المختبر ليقع‌ الجزاء بالعمل‌ «وَ لَيُبَيِّنَن‌َّ لَكُم‌» ‌ أي ‌ و يفصل‌ لكم‌ و يظهر لكم‌ «ما كُنتُم‌ فِيه‌ِ تَختَلِفُون‌َ» ‌في‌ صحته‌ يوم القيامة.

و ‌الّتي‌ نقضت‌ غزلها ‌من‌ ‌بعد‌ إبرام‌ ‌قيل‌: إنها ريطة بنت‌ عمرو ‌بن‌ كعب‌ ‌إبن‌ سعيد ‌بن‌ تميم‌ ‌بن‌ مرة، و كانت‌ حمقاء، فضربه‌ اللّه‌ مثلًا، ‌فقال‌


[1] تفسير الطبري‌ 14: 102 و مجمع‌ البيان‌ 3: 381
[2] ‌سورة‌ المزمل‌ آية 20.
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 6  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست