أحدها- انه ردّ الي واحد. لان النعم و الانعام بمعني، قال سيبويه: و الاسم الواحد يجيء علي (أفعال) يقال هو الانعام. قال تعالي «في بطونه» ذهب الي أنه اسم واحد بلفظ الجمع، کما أن الخيل اسم مؤنث، لا واحد له، و النعم اسم مذكر للجماعة، لا واحد له، و قال الراجز:
و طاب ألبان اللقاح فبرد[1]
رده الي اللبن.
الثاني- انه حمل علي المعني، و التقدير بطون ما ذكرنا، کما قال الصلتان العبدي:
إن السماحة و المروءة ضمنا قبراً بمرو في الطريق الواضح[2]
كأنه قال شيئان ضمنا.
الثالث- لأنه في موضع (اي) كأنه قال «نُسقِيكُم مِمّا فِي بُطُونِهِ» اي من اي الانعام و کان في بطونه اللبن، لأنه ليس كلها مما فيه لبناً.
و قوله «مِن بَينِ فَرثٍ وَ دَمٍ لَبَناً خالِصاً» فالفرث الثفل ألذي ينزل الي الكرش فبين انه تعالي يخرج ذلک اللبن الصافي، اللذيذ، المشهي من بين ذلک، و بين الدم ألذي في العرق النجس «سائِغاً لِلشّارِبِينَ» أي مريئاً لهم لا ينفرون منه، و لا يشرقون بشربه، و ذلک من عجيب آيات اللّه و لطف تدبيره و بديع حكمته، ألذي لا يقدر عليه غيره، و لا يتأتي من احد سواه.
ثم قال «و من ثمرات» و هو جمع ثمرة، و هو ما يطعمه الشجر، ما فيه اللذة و الثمرة خاصة طعم الشجر مما فيه اللذة يقال: أثمرت الشجرة إثماراً إذا حملت كالنخلة و الكرمة و غيرهما من اصناف الشجر.
و قوله «تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَراً» قيل في معني السكر قولان: