ثلاث آيات بلا خلاف.
يقول اللّه تعالي لخلقه إن جميع النعم الّتي تكون بكم و لكم، من صحة في جسم وسعة في رزق او ولد، فكل ذلک من عند اللّه، و من جهته و بخلقه لها و بتمكينكم من الانتفاع بها. و الفاء في قوله «فمن الله» قيل في معناه قولان:
أحدهما- ان تكون (ما) بمعني ألذي، و فيه شبه الجزاء، کما قال تعالي «قُل إِنَّ المَوتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُم»[1] و يقول القائل: مالك هو لي و لا يجوز ان يقول مالك فهو لي، لأنه خبر ليس علي طريق الجزاء.
و القول الثاني- علي حذف الجزاء، و تقديره ما يكن بكم من نعمة فمن اللّه.
و قوله «ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيهِ تَجئَرُونَ» معناه متي ما لحقكم ضر و بلاء، و ألم، و سوء حال، تضرعون اليه تعالي بالدعاء، و هو قول مجاهد. و أصل ذلک من جؤار الثور، يقال: جأر الثور يجأر جؤاراً إذا رفع صوته، من جوع او غيره قال الأعشي:
و ما أيبليُّ علي هيكل بناه و صلَّب فيه و صارا
يراوح من صلوات الملي - ك طوراً سجوداً و طوراً جؤارا[2]
و قال عدي بن زيد:
انني و اللّه فاقبل حلفتي بأبيل كلما صلّي جأر[3]
و قوله «ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُم إِذا فَرِيقٌ مِنكُم بِرَبِّهِم يُشرِكُونَ» اخبار منه تعالي انه إذا كشف ضرّ من يجأر اليه و يخضع له، و يرفع البلاء عنه، يصير- طائفة من النّاس- يشركون بربهم في العبادة جهلا منهم بربهم، و مقابلة للنعمة الّتي