و في رواية أخري عن إبن عباس و إبن مسعود: أنها فاتحة الكتاب، و هو قول الحسن و عطاء.
و
روي عن النبي صلّي اللّه عليه و سلّم أنه قال: (السبع المثاني أم القرآن)
و هي سبع آيات بلا خلاف في جملتها، و إنما سميت مثاني، في قول الحسن، لأنها تثني في کل صلاة و قراءة.
و قيل: المثاني السبع الطوال لما يثني فيها من الحكم المصرفة قال الراجز:
نشدتكم بمنزل الفرقان ام الكتاب السبع من مثاني
ثنتين من آيٍ من القرآن و السبع سبع الطوّل الدواني[1]
و قد وصف اللّه تعالي القرآن كله بذلك في قوله «اللّهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ»[2] فعلي هذا تكون (من) للتبعيض. و من قال: انها الحمد قال:
(من) بمعني تبيين الصفة، كقوله «فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثانِ»[3] و قوله «وَ القُرآنَ العَظِيمَ» تقديره و آتيناك القرآن العظيم سوي الحمد و قوله «لا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلي ما مَتَّعنا بِهِ أَزواجاً مِنهُم» خطاب للنبي صلّي اللّه عليه و سلّم و المراد به الأمّة، نهاهم اللّه تعالي ان يمدوا أعينهم الي ما متع هؤلاء الكفار به من نعيم الدنيا. و معني أزواجاً منهم أمثالًا من النعم «وَ لا تَحزَن عَلَيهِم» قال الجبائي:
معناه لا تحزن لما أنعمت عليهم دونك. و قال الحسن «لا تَحزَن عَلَيهِم» علي ما يصيرون اليه من النار بكفرهم.
ثم أمر نبيه صلّي اللّه عليه و سلّم ان يخفض جناحه للمؤمنين و هو ان يلين لهم جانبه و يتواضع لهم و يحسن خلقه معهم، و أن يقول لهم «إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ المُبِينُ» يعني المخوف من عقاب اللّه من ارتكب ما يستحق به العقوبة، و مبين لهم ما يجب عليهم العمل به.