إتيان اسباب الموت و الشدائد الّتي يکون معها الموت «من کل جهة» من شدة الأهوال، و أنواع العذاب، و ليس هو بميت «وَ مِن وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ» و قيل في معناه قولان:
أحدهما- من أمامه.
و الثاني- و من بعد عذابه هذا «عذاب غليظ».
و قوله «مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم» اي فيما يتلي عليكم «مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم»، فيكون رفعاً بالابتداء و يجوز ان يکون (مثل) مقحماً و يبتدئ الّذين كفروا.
و قوله «أعمالهم» رفع علي البدل و هو بدل الاشتمال عليه في المعني، لان المثل للأعمال، و قد أضيف الي الّذين كفروا، و مثله «وَ يَومَ القِيامَةِ تَرَي الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَي اللّهِ وُجُوهُهُم مُسوَدَّةٌ»[1] و المعني تري وجوههم مسودة. قال الفراء: لأنهم يجدون المعني في آخر الكلمة، فلا يبالون ما وقع علي الاسم المبتدأ، و مثله قوله «لَجَعَلنا لِمَن يَكفُرُ بِالرَّحمنِ لِبُيُوتِهِم»[2] فأعيدت اللام في البيوت، لأنها الّتي يراد بالسقف. و قال المبرد: (أعمالهم) رفع بالابتداء و خبره (كرماد)، و الرماد الجسم المنسحق بالإحراق سحق الغبار. و يمكن ان يجعل (مثل) صفة بغير نار في مقدور اللّه.
و قوله «اشتَدَّت بِهِ الرِّيحُ فِي يَومٍ عاصِفٍ» فالاشتداد الاسراع بالحركة علي عظم القوة، يقال: اشتد به الوجع من هذا، لأنه أسرع اليه علي قوة ألم و العصف شدة الريح، «يوم عاصف» أي شديد الريح، و جعل العصف صفة اليوم، لأنه يقع فيه، کما يقال: ليل نائم، و يوم ماطر، أي يقع فيه النوم و المطر، و يجوز ان يکون المراد عاصف ريحه، و حذف الريح للدلالة عليه، و مثله حجر ضبّ خرب اي خرب حجره، و يقال: عصفت الرياح إذا اشتدت و عصفت تعصف عصوفاً.
شبه اللّه تعالي أعمال الكفار في انه لا محصول لها، و لا انتفاع بها يوم القيامة، بالرماد ألذي يشتد فيه الريح العاصف، فإنه لا بقاء لذلك الرماد، و لا لبث