آيتان بلا خلاف.
حكي اللّه تعالي في هذه الآية ما أجابت به الرسل الكفار، فإنهم قالوا لهم ما «نَحنُ إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم» و لسنا ملائكة، کما زعمتم «و لكن الله» من علينا فاصطفانا و بعثنا أنبياء و هو «يَمُنُّ عَلي مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ» و لم يكن لنا ان نجيئكم «بسلطان» اي بحجة علي صحة دعوانا إلا بأمر اللّه و إطلاقه لنا في ذلک «و علي الله» يجب ان يتوكل «المتوكلون» المؤمنون المصدقون به و بأنبيائه.
ثم اخبر انهم قالوا ايضاً «وَ ما لَنا أَلّا نَتَوَكَّلَ عَلَي اللّهِ» اي و لم لا نتوكل علي الله «وَ قَد هَدانا» الي سبل الايمان و دلنا علي معرفته و وفقنا لتوجيه العبادة اليه، و لا نشرك به شيئاً، و ضمن لنا علي ذلک جزيل الثواب، «وَ لَنَصبِرَنَّ عَلي ما آذَيتُمُونا» من تكذيبنا و شتمنا في جنب طاعته و ابتغاء مرضاته و طلب ثوابه «و علي الله» يجب ان يتوكل المتوكلون الواثقون بالله دون من کان كافراً، فان وليه الشيطان.
و «المنّ» أصله القطع يقال: حبل منين اي منقطع عن بلوغ المنية، و المنيّة لأنها تقطع عن امر الدنيا. «لَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ»[1] اي غير مقطوع، و الأذي ضرر يجده صاحبه في حاله يقال: آذاه يؤذيه أذي و تأذي به تأذياً، و اكثر ما يقال في الضرر القليل، و يقال ايضاً آذاه أذي عظيماً، و المثل ما سد مسد صاحبه فيما يرجع الي ذاته. و الهدي الدلالة علي طريق الحق من الباطل، و الرشد من الغني،