و جريه‌، و ‌هذا‌ عند اذابته‌ بالنار و ‌هو‌ وسخه‌ و خبثه‌، فالحق‌ ثابت‌ كالماء ‌ألذي‌ يبقي‌ ‌في‌ ‌الإرض‌ ينبت‌ ‌به‌ الزرع‌ و الشجر و كالجواهر ‌الّتي‌ ‌في‌ ايدي‌ ‌النّاس‌ تصبر ‌علي‌ النار، ‌فلا‌ تبطل‌ فينتفعون‌ بها. و الباطل‌ كزبد هذين‌ يذهب‌، ‌لا‌ منفعة ‌فيه‌ ‌بعد‌ ‌ان‌ يري‌ ‌له‌ حركة و اضطراب‌. و ‌في‌ ‌ذلک‌ تنبيه‌ لمن‌ تقدم‌ ذكره‌ ‌من‌ المشركين‌ ‌الّذين‌ سألوا الآيات‌ ‌علي‌ سبيل‌ التكذيب‌ و العناد.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الرعد (13): آية 18]

لِلَّذِين‌َ استَجابُوا لِرَبِّهِم‌ُ الحُسني‌ وَ الَّذِين‌َ لَم‌ يَستَجِيبُوا لَه‌ُ لَو أَن‌َّ لَهُم‌ ما فِي‌ الأَرض‌ِ جَمِيعاً وَ مِثلَه‌ُ مَعَه‌ُ لافتَدَوا بِه‌ِ أُولئِك‌َ لَهُم‌ سُوءُ الحِساب‌ِ وَ مَأواهُم‌ جَهَنَّم‌ُ وَ بِئس‌َ المِهادُ (18)

آية بلا خلاف‌.

أخبر اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌في‌ ‌هذه‌ ‌الآية‌ ‌ان‌ ‌الّذين‌ يجيبون‌ دعاء اللّه‌ ‌الي‌ طريق‌ التوحيد و العمل‌ بشريعته‌ و تصديق‌ نبيه‌ و يطلبون‌ مرضاته‌ ‌في‌ فعل‌ ‌ما دعاهم‌ اليه‌، ‌لهم‌ الحسني‌، و ‌هي‌ المنفعة العظمي‌ ‌في‌ الحسن‌، و ‌قال‌ المفسرون‌: أراد بالحسني‌ الجنة و الخلود ‌في‌ نعيمها. و ‌ان‌ ‌الّذين‌ ‌لم‌ يجيبوا دعاءه‌ و ‌لم‌ يقرّوا بنبيه‌ و ‌لم‌ يعملوا ‌بما‌ دعاهم‌ اليه‌ «لَو أَن‌َّ لَهُم‌ ما فِي‌ الأَرض‌ِ جَمِيعاً» ملكاً ‌لهم‌ و يضيفوا اليه‌ مثله‌ ‌في‌ الكثرة لافتدوا بجميع‌ ‌ذلک‌ أنفسهم‌ ‌من‌ عذاب‌ النار و طلبوا ‌به‌ الخلاص‌ ‌منه‌، ‌لو‌ قبل‌ ‌ذلک‌ منهم‌.

و الافتداء جعل‌ أحد الشيئين‌ بدلًا ‌من‌ الآخر ‌علي‌ وجه‌ الاتقاء ‌به‌، فهؤلاء ‌لا‌ يقيهم‌ ‌من‌ عذاب‌ اللّه‌ شي‌ء‌-‌ نعوذ باللّه‌ ‌منه‌-‌ ‌ثم‌ أخبر ‌تعالي‌ ‌ان‌ لهؤلاء سوء الحساب‌.

و ‌قيل‌ ‌في‌ معناه‌ قولان‌:

‌قال‌ ابراهيم‌ النخعي‌: ‌ان‌ سوء الحساب‌ ‌هو‌ مؤاخذة العبد بذنبه‌ ‌لا‌ يغفر ‌له‌ شي‌ء ‌منه‌.