اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 131
و عذلهنّ إياها، و مكرهنَّ بها. و قيل انهن مكرن بها لتريهن يوسف، فلما اطلعتهن علي ذلک أشعن خبرها، و المكر الفتل بالحيلة الي ما يراد من الطلبة يقال: هي ممكورة الساقين بمعني مفتولة الساقين، و ممكورة البدن أي ملتفة «أَرسَلَت إِلَيهِنَّ» أي بعثت إليهن تدعوهن الي دعوتها.
و قوله «وَ أَعتَدَت لَهُنَّ مُتَّكَأً» معناه اعدَّت، و معناه اتخذت من العتاد، و قولهم: اعتدت من العدوان، و الألف فيه ألف وصل، و المتكأ الوسادة، و هو النمرق ألذي يتكأ عليه. و قال قوم: انه الأترج. و أنكر ذلک ابو عبيدة.
و قوله «وَ آتَت كُلَّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ سِكِّيناً» قيل انها قدمت إليهن فاكهة و أعطتهن سكّيناً ليقطعن الفاكهة، فلما رأينه- يعني يوسف- دهشن «وَ قَطَّعنَ أَيدِيَهُنَّ» و قوله «أكبرنه» أي أَعظمنه و أجللنه. و قال قوم: معني ذلک انهن حضن حين رأينه و أنشد قول الشاعر:
يأتي النساء علي اطهارهنَّ و لا يأتي النساء إذا اكبرن اكبارا[1]
و أنكر ذلک ابو عبيدة، و قال: ذلک لا يعرف في اللغة، لكن يجوز ان يکون من شدة ما أعظمنه حضن، و البيت مصنوع لا يعرفه العلماء بالشعر.
و قوله «حاش لله» تنزيه له عن حال البشر، و انه لا يجوز ان تكون هذه صورة للبشر، و انما هو ملك كريم. و قال الجبائي: فيه دلالة علي تفضيل الملائكة علي البشر لأنه خرج مخرج التعظيم، و لم ينكره اللّه تعالي، و هذا ليس بشيء، لأن اللّه تعالي حكي عن النساء انهن أعظمن يوسف، لما رأين من وقاره و سكونه و بعده عن السوء. و قلن: ليس هذا بشراً، بل هو ملك يريدون في سكونه، و لم يقصدن كثرة ثوابه علي ثواب البشر، و كيف يقصدنه، و هن لا طريق لهن الي معرفة ذلک، علي ان هذا من قول النسوة اللاتي وقع منهن من الخطأ و الميل