لما أخبر اللّه تعالي أنه لو أنزل الآيات الّتي اقترحوها و امتنعوا عند ذلک من الإقرار باللّه و تصديق نبيه اقتضت المصلحة استئصالهم کما اقتضت المصلحة استئصال من تقدم من الأمم الماضية عند نزول الآيات المقترحة، کما فعل بقوم صالح و غيرهم من أمم الأنبياء، قال ذلک تسلية لنبيه (ع) من استمرارهم علي الكفر. و معني (الحيق) ما يشتمل علي الإنسان من مكروه فعله کما قال: «وَ لا يَحِيقُ المَكرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهلِهِ»[1] أي لا ترجع عاقبة مكروهه الا عليهم. و المعني فحاق بالساخرين منهم: «ما كانُوا بِهِ يَستَهزِؤُنَ» من وعيد أنبيائهم بعاجل العقاب في الدنيا نحو ما نزل بقوم عاد و ثمود و غيرهم من الأمم.
و قال ابو علي: حاق و حق بمعني واحد. و المعني انه لما نزل بهم العذاب حق بذلك الخبر عندهم: الخبر ألذي کان أخبرهم به النبي (ص).
قُل سِيرُوا فِي الأَرضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ (11)
آية بلا خلاف.
أمر اللّه تعالي في هذه الآية نبيه (ع) ان يأمر هؤلاء الكفار ان يسيروا في الإرض لينظروا الي آثار تلك الأمم فإنها مشهورة و متواتر خبرها معلوم مساكنها و أراد بذلك زجر هؤلاء الكفار عن تكذيب محمّد (ع) و التحذير لهم من ان ينزل بهم من العذاب ما نزل بالمكذبين للرسل من قبلهم.
قُل لِمَن ما فِي السَّماواتِ وَ الأَرضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلي نَفسِهِ الرَّحمَةَ لَيَجمَعَنَّكُم إِلي يَومِ القِيامَةِ لا رَيبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم فَهُم لا يُؤمِنُونَ (12) وَ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيلِ وَ النَّهارِ وَ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (13)