في آجالهم، لا يمنع منه مانع، و انما منع من التسمية لما قلناه.
و قوله: «ثُمَّ أَنتُم تَمتَرُونَ» خطاب للكفار الّذين يشكُّون في البعث و النشور. احتج اللّه بهذه الآية علي الّذين عدلوا به غيره، فأعلمهم انه خلقهم من طين، و نقلهم من حال الي حال، و قضي عليهم الموت، فهم يشاهدون ذلک، و يقرون بأنه لا محيص منه. ثم عجبهم من امترائهم أي من شكهم في انه الواحد القهار علي ما يشاء، و في أنه لم يعبث بخلقهم و ابقائهم و اماتتهم بعد ذلک، و أنه لا بد من جزاء المسيء و المحسن، و مثله قوله: «يا أَيُّهَا النّاسُ إِن كُنتُم فِي رَيبٍ مِنَ البَعثِ فَإِنّا خَلَقناكُم مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُضغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَ غَيرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُم»[1] ان ألذي قدر علي ذلک قادر علي أن يبعثكم بعد أن تكونوا ترابا.
و قوله «وَ أَجَلٌ مُسَمًّي عِندَهُ» رفع علي الابتداء و تم الكلام عند قوله:
«ثُمَّ قَضي أَجَلًا».
وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الأَرضِ يَعلَمُ سِرَّكُم وَ جَهرَكُم وَ يَعلَمُ ما تَكسِبُونَ (3)
آية إجماعاً.
قوله «وَ هُوَ اللّهُ فِي السَّماواتِ وَ فِي الأَرضِ» يحتمل معنيين:
أحدهما- قال الزجاج و البلخي، و غيرهما: انه المعبود في السماوات و الإرض، و المتفرد بالتدبير في السماوات و في الإرض، لان حلوله فيهما أو شيء منهما لا يجوز عليه. و لا يجوز أن تقول هو زيد في البيت، و الدار، و أنت تريد أنه يدبرهما الا ان يکون في الكلام ما يدل علي ان المراد به التدبير كقول القائل: فلان الخليفة في الشرق و الغرب، لان المعني في ذلک أنه المدبر فيهما.