و قوله «وَ خَرَّ مُوسي صَعِقاً» قيل في معني ذلک قولان:
أحدهما- قال إبن عباس و الحسن و إبن زيد و أبو علي الجبائي: إنه وقع مغشياً عليه من غير أن يکون قد مات بدلالة قوله «فَلَمّا أَفاقَ» و لا يقال للميت إذا عاش أفاق، و إنما يقال: عاش أو حيي، و قال قتادة: معناه مات.
و قوله «قالَ سُبحانَكَ تُبتُ إِلَيكَ» قيل في معني توبته ثلاثة أقوال:
أحدها- أنه تاب، لأنه سأل قبل أن يؤذن له في المسألة، و ليس للأنبياء ذلک.
الثاني- أنه تاب من صغيرة ذكرها.
الثالث- أنه قال ذلک علي وجه الانقطاع اليه و الرجوع الي طاعته، و إن کان لم يعص، و هذا هو المعتمد عندنا دون الأولين، علي أنه يقال لمن جوز الرؤية علي اللّه تعالي إذا کان موسي (ع) إنما سأل ما يجوز عليه فمن أي شيء تاب! فلا بد لهم من مثل ما قلناه من الأجوبة.
فإن قيل: كيف يجوز أن يکون تجويز الرؤية صغيراً مع أنه جهل باللّه علي مذهب من قال إنه کان ذلک صغيرة!؟ قيل: لأنه إذا لم تكن الرؤية المطلوبة علي وجه التشبيه جري مجري تجويزه أن تكون هذه الحركة من مقدورات اللّه في أنه لا يخرجه من أن يکون عارفاً به تعالي، و إنما شك في الرؤية و الحركة.
و قوله «وَ أَنَا أَوَّلُ المُؤمِنِينَ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- قال الجبائي: أنا أول المؤمنين بأنه لا يراك شيء من خلقك فأنا أول المؤمنين من قومي باستعظام سؤال الرؤية.
الثاني- قال مجاهد: و أنا أول المؤمنين من بني إسرائيل.
قالَ يا مُوسي إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَي النّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَ كُن مِنَ الشّاكِرِينَ (144)
آية بلا خلاف.