عما يؤدي الي ترك الحق مع تجرع مرارة ذلک الحبس و نقيضه الجزع قال الشاعر:
فان تصبرا فالصبر خير مغبة و ان تجزعا فالأمر ما تريان[1]
و قوله «إِنَّ الأَرضَ لِلّهِ يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ» اخبار عما قال موسي لقومه من أن الإرض كلها ملك للّه يورثها من يشاء من عباده، و الإرث جعل الشيء للخلف بعد السلف، و الأغلب ان يکون ذلک في الأموال، و قد يستعمل في غيرها مجازا كقولهم: العلماء ورثة الأنبياء، و قولهم ما ورث والد ولدا أجلُّ من ادب حسن.
و معني «يُورِثُها مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- التسلية لهم بأنها لا تبقي علي أحد لأنها تنقل من قوم الي قوم اما محنة او عقوبة.
الثاني- الاطماع في ان يورثهم اللّه ارض فرعون و قومه.
و المشيئة هي الارادة و هي ما أثرت في وقوع الفعل علي وجه دون وجه من حسن أو قبح او غيرهما من الوجوه.
و قوله تعالي «وَ العاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ» فالعاقبة ما تؤدي اليه التأدية من خير او شر الا انه إذا قيل: العاقبة له فهو في الخير، فإذا قيل: العاقبة عليه فهو في الشر مثل الدائرة له و عليه و قال إبن عباس: لما آمنت السحرة اتبع موسي ستمائة ألف من بني إسرائيل.
قالُوا أُوذِينا مِن قَبلِ أَن تَأتِيَنا وَ مِن بَعدِ ما جِئتَنا قالَ عَسي رَبُّكُم أَن يُهلِكَ عَدُوَّكُم وَ يَستَخلِفَكُم فِي الأَرضِ فَيَنظُرَ كَيفَ تَعمَلُونَ (129)
آية بلا خلاف.