بعضهم لبعض: ان هكذا عادة الدهر، فكونوا علي ما أنتم عليه کما کان آباؤكم فلم ينفكوا عن تلك الحال فينتقلوا.
و قوله «فَأَخَذناهُم بَغتَةً وَ هُم لا يَشعُرُونَ» اخبار من اللّه تعالي انه أخذ من ذكره ممن لم يقبل مواعظ اللّه و خرج عن طاعته الي عداوته «بغتة» يعني فجاءة و هي الأخذ علي غرة من غير تقدمة تؤذن بالنازلة تقول: بغتة يبغته بغتة کما قال الشاعر:
و أفظع شيء حين يفجؤك البغت[3]
و معني الآية انه تعالي يدبر خلقه الّذين يعملون بمعاصيه أن يأخذهم تارة بالشدة و اخري بالرخاء، فإذا فسدوا علي الامرين جميعا أخذهم بغتة ليكون ذلک أعظم في الحسرة، و ابلغ في باب العقوبة. و معني قوله «وَ هُم لا يَشعُرُونَ» أي لم يشعروا بنزول العذاب الا بعد حلوله.
وَ لَو أَنَّ أَهلَ القُري آمَنُوا وَ اتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الأَرضِ وَ لكِن كَذَّبُوا فَأَخَذناهُم بِما كانُوا يَكسِبُونَ (96)
آية بلا خلاف.
قرأ إبن عامر «لفتحنا» بتشديد التاء. الباقون بتخفيفها.
من شدد ذهب الي التكثير، و من خفف، فلانه يحتمل القلة و الكثرة.
و معني (لو) امتناع الشيء لامتناع غيره، و (لو لا) معناه امتناع الشيء لوجود غيره. و قال الرماني: معني (لو) تعليل الثاني بالأول ألذي يجب بوجوبه، و ينتفي بانتفائه علي طريقة ان کان، و (ان) فيها هذا المعني علي طريقة يکون. و الفرق بين (لو) و (ان) أن (ان) تعلق الثاني بالأول ألذي يمكن أن يکون و يمكن أن لا يکون كقولك ان آمن هذا الكافر استحق الثواب،