و قوله «رِسالاتِ رَبِّي» إنما أتي بلفظ الجمع ليدل علي اختلاف معاني الرسالة إذا جمعت، فهي تجري مجري جمع الأجناس، كقولك تمور، و أما ضربات فإنما يدل علي عدد المرات.
و قوله «فَكَيفَ آسي» أحزن- في قول إبن عباس و الحسن و السدي- و الأسي شدة الحزن يقال أسي يأسي أسيً قال الشاعر:
و انحلبت عيناه من فرط الأسي[1]
و قال امرؤ القيس:
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسيً و تجمل[2]
و قوله فكيف «آسي» لفظه لفظ الاستفهام و المراد به النفي، و انما کان كذلك: لأن جوابه في هذا الموضع لا يصح إلا بالنفي، کما يدخله معني الإنكار لهذه العلة. قال العجاج:
أ طرباً و أنت قنسريُّ[3]
أي لا يکون ذلک مع كبر السنِّ، و هذا تسلّ من شعيب (ع) بما يذكر من حاله معهم في مناصحته لهم و تأدية رسالة ربه اليهم، و أنه لا ينبغي أن يأسي عليهم مع تمردهم في كفرهم و شدة طغيانهم، و انه لا حيلة في فلاحهم، قال البلخي: و في ذلک دلالة علي انه لا يجوز للمسلم ان يدعو للكافر بالخير کما يقول: لعن اللّه فلانا و أخزاه ثم يقول هداه اللّه و أرشده و رحمه. و قال ابو عبد اللّه البجلي: أبو جاد، و هواز، و حطي، و كلمون، و صعفص، و قرشت: أسماء ملوك مدين، و کان ملكهم يوم الظلة في زمان شعيب (كلمون) فقالت أخت كلمن تبكيه: