يحتمل قوله «الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُم» أن تكون في موضع جرِّ بأن يکون صفة للكافرين، و يکون ذلک من قول أهل الجنة، و تقديره «إن اللّه حرمهما علي الكافرين الّذين اتخذوا دينهم لهواً و لعباً». و يحتمل أن يکون رفعاً بالابتداء و يکون إخباراً من اللّه تعالي علي وجه الذم لهم.
و (اتخذوا) وزنه وزن (افتعلوا) و الاتخاذ الافتعال، و هو أخذ الشيء باعداد الأمر من الأمور، فهؤلاء أعدوا الدِّين للهو و اللعب. و معني الدين- هاهنا- ما أمرهم اللّه تعالي به و رغبهم فيه مما يستحق به الجزاء. و اصل الدين الجزاء، و منه قوله «مالِكِ يَومِ الدِّينِ» و اللهو طلب صرف الهمِّ بما لا يحسن أن يطلب به، فهؤلاء طلبوا صرف الهمَّ بالتهزي بالدين و عيب المؤمنين، و اللعب طلب المدح بما لا يحسن ان يطلب به مثل حال الصبي في اللعب و اشتقاقه من اللعاب و هو المرور علي غير استواء. و أصل اللهو الانصراف عن الشيء و منه قوله (إذا استأثر اللّه بشيء لاه عنه) أي انصرف عنه.
و قوله «وَ غَرَّتهُمُ الحَياةُ الدُّنيا» فمعني الغرور تزيين الباطل للوقوع فيه، غرَّه يغره غروراً. و إنما اغتروا هم بالدنيا في الحقيقة فصارت و كأنها غرتهم. و الدنيا هي النشأة الاولي. و الآخرة النشأة الاخري، و سميت الدنيا دنياً لدنوها من الحال، و هما كرتان، فالكرة الاولي الدنيا، و الكرة الثانية هي الآخرة.
و قوله «فَاليَومَ نَنساهُم» قيل في معناه قولان: