أحدهما- قال الحسن: و هو القرآن. و قال غيره: هو الايمان ألذي لطف له به.
و وجه التشبيه في قوله «كَذلِكَ زُيِّنَ لِلكافِرِينَ» أي زين لهؤلاء الكفر، فعملوه کما زين لأولئك الايمان فعملوه، فشبهت حال هؤلاء في التزيين بحال أولئك فيه، کما قال «كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحُونَ»[1] و انما زين اللّه تعالي الايمان عند المؤمنين، و زين الغواة من الشياطين و غيرهم الكفر عند الكافرين و هو قول الحسن و أبي علي و الرماني و البلخي و غيرهم.
و في الآية دلالة علي وجوب طلب العلم، لأنه تعالي رغب فيه بأن جعله كالحياة في الإدراك بها و النور في الاهتداء به.
قوله تعالي: [سورة الأنعام (6): آية 123]
وَ كَذلِكَ جَعَلنا فِي كُلِّ قَريَةٍ أَكابِرَ مُجرِمِيها لِيَمكُرُوا فِيها وَ ما يَمكُرُونَ إِلاّ بِأَنفُسِهِم وَ ما يَشعُرُونَ (123)
آية بلا خلاف.
معني قوله «كَذلِكَ جَعَلنا» أي جعلنا ذا المكر من المجرمين، کما جعلنا ذا النور من المؤمنين، فكلما فعلنا بهؤلاء فعلنا بأولئك الا أن أولئك اهتدوا بحسن اختيارهم و هؤلاء ضلوا بسوء اختيارهم، لان کل واحد منهما جعل بمعني صار به كذا الا أن الاول باللطف، و الثاني بالتمكين من المكر، فصار كأنه جعل كذا.
و موضع الكاف في «و كذلك» نصب بالعطف علي قوله «كَذلِكَ زُيِّنَ لِلكافِرِينَ ما كانُوا يَعمَلُونَ» و المعني مثل ذلک ألذي قصصنا عليك زين للكافرين عملهم. و مثل ذلک «جَعَلنا فِي كُلِّ قَريَةٍ أَكابِرَ مُجرِمِيها» و انما خص أكابر المجرمين بهذا المعني دون الأصاغر، لأنه أحسن في الاقتدار علي الجميع، لان الأكابر إذا كانوا في قبضة القادر فالاصاغر بذلك أجدر.