وَ لَقَد كُذِّبَت رُسُلٌ مِن قَبلِكَ فَصَبَرُوا عَلي ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتّي أَتاهُم نَصرُنا وَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللّهِ وَ لَقَد جاءَكَ مِن نَبَإِ المُرسَلِينَ (34)
آية بلا خلاف.
صلي اللّه تعالي بهذه الآية نبيه (ص) بان اخبر ان الكفار قد كذبوا رسلا من قبلك، و صبر الرسل علي تكذيبهم و علي ما نالهم من أذاهم، و تكذيب الكفار لهم، حتي إذا جاء نصر اللّه إياهم علي المكذبين، فمنهم من نصرهم عليهم بالحرب و مكنهم من الظفر بهم حتي قتلوهم، و منهم من نصرهم عليهم بان أهلكهم و استأصلهم کما أهلك عادا و ثمودا و قوم نوح و لوط، و غيرهم.
فأمر اللّه نبيه (ص) بالصبر علي كفار قومه و أذاهم الي ان يأتيه نصره کما صبرت الأنبياء. و قوله «لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللّهِ» معناه لا أحد يقدر علي تكذيب خبر اللّه علي الحقيقة، و لا علي إخلاف وعده فان ما أخبر اللّه به ان يفعل بالكفار، فلا بد من كونه لا محالة، و ما وعدك به من نصره فلا بد من حصوله، لأنه لا يجوز الكذب في اخباره، و لا الخلف في وعده. و قيل:
معناه انه لا مبطل لحججه و براهينه و لا مفسد لادلته.
و قوله «وَ لَقَد جاءَكَ مِن نَبَإِ المُرسَلِينَ» معناه انه لا تبديل لخبر اللّه و لا خلف لذلك و لا تكذيب، و ان ما أخبر اللّه به ان ينزله بالكفار فانه سيفعل بهم کما فعل بأمم من تقدم من الأنبياء الّذين أنزل اللّه عليهم العذاب و استأصلهم بتكذيبهم أنبياءهم و عرفك أخبارهم علي صحتها.
وَ إِن كانَ كَبُرَ عَلَيكَ إِعراضُهُم فَإِنِ استَطَعتَ أَن تَبتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرضِ أَو سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأتِيَهُم بِآيَةٍ وَ لَو شاءَ اللّهُ لَجَمَعَهُم عَلَي الهُدي فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجاهِلِينَ (35)