و المعني به اذكروا «إِذ أَخَذَ اللّهُ» منهم الميثاق ليبينن أمر نبوة النبي (ص) و لا يكتمونه «فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِم» أي رموا به في قول إبن عباس، و لم يعملوا به و إن كانوا مقرين به. و يقال لمن يطرح الشيء و لا يعبأ به رميته بظهر، قال الفرزدق:
تميم بن قيس لا تكونن حاجتي بظهر و لا يعيا عليّ جوابها[1]
أي لا تتركنها، لا تعبأ بها، فأخبر اللّه تعالي عما حمل اليهود الّذين كانوا رؤساء علي كتمان أمر النبي (ص)، فقال: «وَ اشتَرَوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا» أي قبلوا علي ذلک الرشا، و قامت لهم بذلك رئاسة اكتسبوها فذلك حملهم علي الكفر بما يخفونه، ثم ذم تعالي أفعالهم بقوله: «فَبِئسَ ما يَشتَرُونَ» لأن ما يکون عاقبته الهلاك و العقاب الدائم، و ان کان نفعاً عاجلا، فهو بئس الشيء. و قال إبن عباس و سعيد إبن جبير و عكرمة و السدي و إبن جريج ان المعني بهذه الآية فنحاص اليهودي، و أصحابه الّذين كتموا أمر النبي (ص) و ما بينه اللّه في التوراة. و قال قتادة و كعب و عبد اللّه بن مسعود هذا ميثاق أخذه اللّه علي أهل العلم كافة، فمن علم شيئاً فليعلمه و إياكم و كتمان العلم، فان كتمانه هلاك. و قال الجبائي: المعني بالآية اليهود و النصاري. و قال الحسن «لتبيننه و لا تكتمونه» معناه لتكلمن بالحق و لتصدقنه بالعمل. و الميثاق ألذي ذكره اللّه في الآية هو الأيمان الّتي أخذها عليهم أنبياؤهم ليبينن ما في كتبهم من الاخبار و الآيات الدالة علي نبوة النبي (ص) و لا يكتمونه.
و الهاء في «ليبيننه» عائدة علي محمّد (ص) في قول سعيد بن جبير و السدي، فيعود